المتباكون على حكومة التوافق والمتوسلون بها

صادق الازرقي

17/11/2021
النصاب القانوني المطلوب لتشكيل الحكومة العراقية يستوجب حضور ١٦٥ نائبا لجلسة مجلس النواب التي ستشهد تصويت البرلمان على الكابينة، وبحسب القانونيين فان الحكومة يصوت عليها عبر ما يعرف بـ"الأغلبية البسيطة" التي تعني أغلبية الحاضرين في الجلسة شريطة اكتمال حضور ١٦٥ نائبا في الحد الأدنى، ومن السهل تنفيذ ذلك من القوى التي تصدرت الانتخابات التي بمقدورها تشكيل حكومة اغلبية سياسية؛ وهو الامر المطلوب حاليا لتجنب تكرار تجربة حكومات التوافق والشراكة التي خربت البلاد بفعل التنافس السياسي وتقمص دور المسؤول والمعارض في الوقت نفسه؛ ما ادى الى تعطل المشاريع واعاقة اعمار البلد، وهو امر يجب الا يتواصل.

وصحيح اننا لن نضمن الاداء البديل الامثل المتميز للحكومة المقبلة، ولكنها في اقل تقدير ستتحمل المسؤولية عن الاخفاق، وسيكون صوت القوى المعارضة في مجلس النواب عاليا، ومن المنطقي عندئذ ان تطالب الحكومة بالاستقالة وتستقيل او تواجه الشعب اذا لم تنفذ طموحاته ومطالبه و اخفقت، وذلك هو الاجراء المتبع في الانظمة الديمقراطية.

بضع قوى حصلت على مقاعد تؤهلها لدخول حكومة الاغلبية السياسية، وفي الوقت نفسه تتكون معارضة قوية تشمل الاحزاب المتبقية التي لم تدخل الحكومة وكذلك المستقلين والتشرينيين، اذا لم يدعهم احد للمشاركة في الحكومة، وهم قوى لا يستهان بها؛ هكذا وبوضوح يجب ان تجري الامور، كي نمهد الطريق الى استقامة العملية السياسية، اما الحديث المتواصل عن التزوير والتهديد باستعمال السلاح او المقاطعة وفي الوقت نفسه المطالبة بحكومة توافقية والاشتراك فيها، فهو موقف نفاق وازدواجية خطيرة؛ والمفارقة هنا ان قوى سياسية كانت ترفع الصوت جهارا نهارا بالمطالبة بحكومة اغلبية سياسية، او حتى اكثر من ذلك بنظام رئاسي، باتت الآن تتباكى على حكومة التوافق، فقط لأن الاصوات التي جمعتها لن تؤهلها لتشكيل حكومة اغلبية على هواها او حتى الدخول فيها.

ان القوى التي لم تحصل على الاصوات الكافية للدخول في الحكومة الجديدة والمشاركة فيها، لاسيما القوى التي لطالما كانت تحصد مقاعد اكبر في الاقتراعات السابقة وخسرت في هذه الانتخابات فان عليها ان تراجع نفسها وان تبحث عن اسباب اخفاقها وعزوف الناخبين عن التصويت لها وان تتخذ مسارا سياسيا مختلفا في القادم من الزمن؛ تمهيدا للفوز برضى الجماهير ومحاولة النجاح في الممارسات الانتخابية المقبلة، وفي الوقت نفسه على تلك القوى الا تطالب بحكومة توافقية يشترك فيها الجميع بمن فيهم احزابهم الخاسرة فتلك مطالب مهينة وتحط من قدرهم وجماهيريتهم بصورة اكبر، كما ان امثال تلك الحكومات لن تنفع البلد في شيء و ستواصل النهج المدمر المعزز لتخلفه واعاقة اعماره وموت البناء الصناعي والزراعي وتنامي افواج العاطلين وتفاقم مشكلات السكن و الخدمات والتعليم والطب، برغم اننا كما قلنا لن ننزه اي حكومة مقبلة اذا لم نلمس منها شيئا حقيقيا للبناء، كما ان اغلبية الشعب طالبت منذ البداية ولم تزل بتعديل النظام الانتخابي وبسن قانون عصري للاحزاب، لتستقيم العملية السياسية بعيدا عن الاملاءات ووفقا للتطور الديمقراطي السليم.

ترددات نوا

Copyright © 2017 - Radio Nawa. Designed and Developed by Avesta Group