أفضل حكومة

ساطع راجي

23/05/2018

أفضل حكومة يمكن ان يحصل عليها العراقيون في ظروفنا هذه هي حكومة تضم كتلتي سائرون والفتح معا او تخلو منهما معا فالعراق لا يتحمل أمنيا وسياسيا أن يكون أحد الفريقين في السلطة والآخر في المعارضة ومع اهمية وجود معارضة قوية ومنظمة فإن الكتلتين يمكن ان يقوما بها معا او ان يتخليان عنها معا لكتل أخرى بعدما حصلنا على تشكيلة متنوعة وكبيرة من القوائم الداخلة الى البرلمان وهي كلها لحسن حظنا ترفع شعارات الاصلاح!!، ولذلك لن يكون المعارض وحيدا مستضعفا فيما لو صدقت شعارات القوى الفائزة.
يمتلك كل من سائرون والفتح قدرة فرض ارادتهما سواء كانا في السلطة او المعارضة لأسباب كثيرة يعرفها الجميع ولذلك ليس من مصلحة المواطنين ان تدخل القوتان في مواجهة او صراع يؤدي الى ارباك الحياة العامة ولن ينتفع منه جمهورا الطرفين، وهذا الخطر تدركه الزعامات ولذلك اعتمدت تقاليد التفاوض السياسي الشيعي حيث تتناثر التصريحات التي لا تقول شيئا محددا وتتوالى اللقاءات التي تبدأ وتنتهي بتبادل الابتسامات والاحضان لبث الطمأنينة رغم ان الخلافات قوية وحادة وستبدأ بالتكشف تدريجيا مع اقتراب موعد الاستحقاقات الدستورية.
أول مايشير الى قسوة الخلافات هي بوادر العودة الى التحالفات القديمة، اذ يسعى الكرد وتحديدا الحزبين الكبيرين لتجميع صفوفهم والعودة بقوة موحدة الى بغداد، وتحدث قادة السنة علنا عن عودة تحالفهم، وهذا يعني ان من يذهب الى المعارضة من القوى الشيعية اما انه لن يجد شركاء في المعارضة من السنة والكرد او انه سيجد الاضعف من الكتل التي لم تحصل على مكان في الكتلتين الكبيرتين، لكن طريقة ادارة المشاورات تقول بوجود مساعي لتكرار شكل الحكومات السابقة رغم اصرار القوائم على الحديث عن تغيير كبير في كل شيء؛ فحتى الآن تباحث الجميع مع الجميع ربما باستثناء قائمة دولة القانون التي تبدو الاكثر عزلة.
التغيير في العراق بطيء جدا وغالبا لا يمكن تأكيد وجوده وذلك لأن المحركين الاساسيين للنظام السياسي يتمتعون بسلطات غير محدودة ولا مشروطة على اتباعهم، مثل الصدر والحكيم وبارزاني وأسرة طالباني الى حد ما بينما يرغب زعماء سنة بالحصول على نفس الوضع لكن طريقهم صعب جدا؛ القوى الحاكمة التقليدية ازدادت ادوارها وترسخت؛ فالسيد الصدر مثلا هو من يباشر بنفسه المشاورات والتفاوض وليس قائمة سائرون ولا حزب الاستقامة، ووفد تفاوض قائمة سائرون يقوده السياسي الصدري نصار الربيعي وهو ليس نائبا ولا حتى مرشحا؛ بينما يبعث بارزاني برسائل قوية لجميع الاطراف يحدد فيها وجهة الكرد رغم انه اليوم خارج موقع رئاسة الاقليم ولديه خلافات حادة مع كل الاحزاب الكردية، هذه القيادات تضطر للقيام بهذا الدور لتعقد المشهد وحاجته لقرارات متحركة بعدما اتسعت رقعة الشطرنج العراقية وتكاثرت الاطراف المؤثرة فيها مع هشاشة الولاءات الحزبية في جميع الاطراف وسيادة الانتهازية والمصلحة الفردية في الاداء السياسي وهو ما يؤدي لتدخل الزعامات في اصغر التفاصيل وتبنيها حتى للإداء الاعلامي للقوائم.
القوى السياسية رفعت سقف الآمال وتبدو متفائلة جدا وذلك لتبديد اليأس الشعبي الذي كشفه مستوى مقاطعة الانتخابات لكن هذه القوى نفسها تعود وترفع سقف مطالبها الحزبية، حتى ان قائمة علاوي مثلا تعلن آمالها برئاسة الوزراء وتستمر دولة القانون بالترويج لخطابات المالكي ومشروعه فيما تريد الحكمة ان تحكي "معلك" بينما اوضح سقف هو ذلك الذي يروج له المطالبون بولاية ثانية للعبادي أي "حكومة هادئة لا تخلق مشاكل وتمتص الصدمات ولو بالحد الادنى من الانجازات" فالواقع يقول ان الاداء العام لا يشير الى امكانية حدوث قفزات للأمام والافضل هو الوقاية من الانتكاسات في بلاد تعيش فترة نقاهة طويلة بعد خروجها من غرفة الانعاش (حرب داعش)، وهذا يعني انها بالتأكيد ليست مستعدة لمواجهة بين سائرون والفتح.

ترددات نوا

Copyright © 2017 - Radio Nawa. Designed and Developed by Avesta Group