الانتخابات القادمة

ساطع راجي

31/05/2018

تنشغل القوى السياسية بتشكيل الحكومة الجديدة وهذا طبيعي جدا بعد كل انتخابات؛ والطبيعي أيضا ان تفكر القوى السياسية بعد الاداء الانتخابي الاخير ونتائجه بالانتخابات القادمة ففي مثل هكذا مناخ يكون من المتوقع الدعوة لانتخابات برلمانية مبكرة ترمم بعض انكسارات الاداء الاخير؛ إذ ليس هناك ما يلزم باجراء الانتخابات كل اربع سنوات فقط فالدستور يتضمن آليات شرعية لحل البرلمان واجراء انتخابات قبل انتهاء الدورة البرلمانية بل ان المعتاد في نظام مثل الذي يحكمنا والقائم اساسا على سلطة البرلمان ان تتم العودة للانتخابات كثيرا.
الحكومة المقبلة لن تضم الجميع غالبا وذلك ليس ايمانا من القوى السياسية بضرورة التوزع بين كفتي الحكومة والمعارضة وانما لإستحالة ارضاء جميع هذه القوى المتنافسة والقوائم الكثيرة وهو ما يعني ان التقليد العراقي السابق بتشكيل حكومة ضخمة بوزارات وهمية ثم تقليصها لاحقا بعد تحقيق التوافق لم يعد ممكنا كما لم يعد سهلا لملمة الخلافات والصراعات الطاحنة بين ابناء المكون الواحد لتشكيل الجبهات القديمة.
الفائزون بأعلى عدد من المقاعد ربما هم من سيطالبون بإنتخابات مبكرة لأنهم لن يتمكنوا بمقاعدهم القليلة بالنسبة لحجم البرلمان والحكومة من تحقيق الحد الادنى من وعودهم، سيشعرون بالحرج من جمهورهم ومن ارتهانهم بيد شركائهم وسيشاهدون فوزهم يتبخر مثلما تتبخر هيبتهم في نفوس انصارهم.
القوائم التي تحولت الى صغيرة مودعة أيام عزها الغابرة ستستخدم التشكيك بالانتخابات في جولاتها التفاوضية لتحقيق مكاسب ومناصب تفوق حجم مقاعدها في البرلمان مقابل التجاوز عن الاخطاء الانتخابية وعدم التذكير بمذبحة الصناديق واذا لم تحقق اهدافها بهذه المساومة ستبدأ بالدعوة الى انتخابات مبكرة تصحيحية وستجمع شتات الغاضبين من نتائج الانتخابات مع الغاضبين من تشكيلة الحكومة لتكون كتلة ضاغطة لها القدرة على عرقلة الحكومة واشغالها بالاستجوابات والإقالات وهو ماحدث فعلا في الحكومة الحالية رغم ان عدد الغاضبين كتلويا لم يكن كبيرا فعلا لكن انصار المالكي وبعض النواب السنة شكلوا تهديدا للحكومة واقالوا وزراء اهمهم وزيري المالية والدفاع وهو ما زعزع تحالفات تشكيل الحكومة.
المفجوعون بالانتخابات وضحايا مذبحة صناديقها الالكترونية وكذلك دعاة المقاطعة سيطالبون بإنتخابات مبكرة تكون أكثر عدالة وتنظيما مما جرى في ١٢ آيار ٢٠١٨؛ فالقضية لبعضهم هنا قضية سمعة شخصية او مشروع جديد تحملوا بسببه الكثير من الشتائم والتشويه والتهديد وبالأخص دعاة المقاطعة الذين شكلوا فريقا خطيرا وتأثيره سيكون فعالا فيما لو استمر اداؤه وضغطه لتشكيل مفوضية أفضل وتشريع قانون أكثر وضوحا وعدالة.
لكن تنبيهات الانتخابات المبكرة تعني الدفع نحو التمرد على تقليد سياسي عراقي سيء وهو تأجيل الاهتمام بتشريع قانون للانتخابات وتشكيل مجلس مفوضية الانتخابات الى الايام وربما الساعات الاخيرة للمواعيد الفنية والدستورية فيخرج كل شيء كطبخة محترقة بنار الصفقات السريعة والتي تبين انها مضرة حتى لمن أرادها وتلهف على عقدها فأصيب كثيرون بمغص مؤلم ذكرهم نادمين بلهفتهم على طبخ المفوضية وقانون الانتخابات في وقت قصير وبإسلوب مرتبك.
الاعتراض الاكبر على اي انتخابات قد يكون بحجة اهدار المزيد من الاموال في وقت الازمة الاقتصادية وهو اعتراض مقبول يمكن التعامل معه بانتاج قانون يخفض التكاليف على الخزينة العامة يكون واضحا وسهلا فالتعقيد وفتح طرق فرعية للاحتيال هو ما يرفع الكلفة واي انتخابات ستكون كلفتها أقل من كلفة أزمات حكومة ضعيفة مغلولة اليد وسريعة التفكك.
الانتخابات مفتاح لحل أزمات وعندما لا نحصل على المفتاح المناسب فالأسهل اعادة المحاولة وتحت سقف الدستور بدل من الانتظار اربع سنوات قد تنتج مزيدا من الازمات وبتعقيد لاينفع معه حل الانتخابات.

ترددات نوا

Copyright © 2017 - Radio Nawa. Designed and Developed by Avesta Group