لطالما كانت ملفات الطاقة، وبخاصة النفط والغاز، هي قلب الصراعات السياسية في العراق، وخصوصاً بين الحكومة الاتحادية في بغداد وإقليم كوردستان. هذه الديناميكية المعقدة، التي تجمع بين الاعتبارات الاقتصادية والجغرافية والتاريخية، قد تصاعدت حدتها مؤخراً مع التطورات الحاسمة المتعلقة بخط أنابيب النفط الواصل إلى ميناء جيهان التركي، ومع الأنباء المقلقة عن استهداف حقول نفطية في الإقليم. يبرز هنا تساؤل جوهري حول الدوافع الحقيقية للسياسة العراقية تجاه الإقليم: هل هي سعي مشروع لتوحيد إدارة الثروة النفطية ضمن الأطر الدستورية والقانونية، أم أنها استغلال مدروس للأزمات الراهنة لفرض السيطرة الكاملة على الإقليم، وإضعاف مكانته السياسية والاقتصادية؟ هذه الأسئلة تتطلب تحليلًا معمقًا لأبعاد الأزمة الراهنة، وتداعياتها على مستقبل العلاقة بين المركز والإقليم. الأهمية الإستراتيجية لأنابيب كوردستان في سياق الأزمة الراهنة تكتسب أنابيب نفط كوردستان أهمية إستراتيجية مضاعفة في ظل المستجدات الأخيرة التي هزت قطاع الطاقة العراقي. فبعد حكم التحكيم الدولي الذي صدر في مارس 2023 لصالح العراق ضد تركيا، والذي ألزم أنقرة بدفع تعويضات تقدر بـ 1.5 مليار دولار أمريكي عن سماحها لإقليم كوردستان بتصدير النفط بشكل مستقل بين عامي 2014 و2018، توقف تدفق النفط عبر خط الأنابيب بشكل كامل. هذا الحكم لم يكن مجرد قرار قانوني، بل كان نقطة تحول سياسية قلبت موازين القوى، حيث عزز موقف بغداد بأن جميع صادرات النفط يجب أن تخضع لسلطتها الاتحادية. وما زاد الطين بلة وعقد المشهد هو القرار التركي اللاحق في يوليو 2025 بإنهاء اتفاقية خط أنابيب النفط الخام لعام 1973 مع العراق، ورفض التجديد الفوري، مما يفتح الباب على مصراعيه أمام اتفاقيات جديدة مع بغداد بشكل مباشر، مع تهميش إقليم كوردستان كطرف مستقل في هذه المفاوضات. هذا الوضع الجديد يجعل أنابيب كوردستان، التي كانت تمثل شريان حياة اقتصاديًا للإقليم، محورًا للصراع على السلطة والسيادة. الضغط على الإقليم: سياسة تجويع أم استعادة سلطة؟ يتزامن توقف صادرات النفط مع تصاعد الضغوط المالية على حكومة إقليم كوردستان، التي تواجه صعوبات بالغة في دفع رواتب موظفيها وتلبية احتياجات سكانها. يرى كثيرون أن هذا الضغط ليس مجرد نتيجة طبيعية وحتمية لتوقف الصادرات النفطية فحسب، بل هو جزء لا يتجزأ من استراتيجية حكومة بغداد لإخضاع الإقليم وإجباره على التذعن لشروطها. فمن خلال حرمان الإقليم من مصدر دخله الرئيسي، يصبح إقليم كوردستان في وضع اقتصادي حرج، وتصبح بغداد في موقع قوة لا مثيل لها لإملاء شروطها. وأهم هذه الشروط هو تسليم ملف النفط بالكامل للسلطة الاتحادية، بما في ذلك إدارة الحقول، وعقود الاستكشاف والإنتاج، وعائدات التصدير. هذه السياسة تُوصف بأنها "سياسة تجويع" تهدف إلى تركيع الإقليم ماليًا، مما يجعله أكثر اعتمادًا على المركز، وبالتالي يقلل من قدرته على ممارسة صلاحياته الدستورية. استهداف حقول النفط: تصعيد خطير وتساؤلات حول الفاعلين تأتي الأنباء عن استهداف حقول النفط في إقليم كوردستان من قبل جماعات إرهابية خلال الأيام القليلة الماضية لتضيف بعداً جديداً وخطيرًا لهذا الصراع. كانت الإقليم ينتج حوالي 280 ألف برميل يوميًا قبل هذه الاعتداءات، لكن الإنتاج انخفض بشكل كبير ليصبح حوالي 80 ألف برميل فقط. هذا الانخفاض الدرامي يعقد مطالب بغداد بتسليم 230 ألف برميل يوميًا إلى شركة سومو في ميناء جيهان مقابل صرف رواتب موظفي الإقليم، إذ أصبح تحقيق هذا الرقم مستحيلاً في الوقت الحالي بعد هذه الهجمات. ما يثير القلق بشكل أكبر هو التقارير التي تشير إلى أن بعض الجهات التي نفذت الهجمات الإرهابية منظمة في قوات الحشد الشعبي، التي تمولها الحكومة العراقية نفسها. إذا صحت هذه التقارير، فإنها تشير إلى مؤامرة خطيرة ضد الإقليم، حيث تطالبه بغداد بتسليم كميات كبيرة من النفط من جهة، بينما تقوم جماعات تابعة لها بضرب البنية التحتية النفطية للإقليم من جهة أخرى، مما يعيق قدرته على تلبية هذه المطالب. هذا التناقض الصارخ يدعم فرضية أن الأزمة ليست مجرد خلاف حول الصلاحيات، بل هي تكتيك ممنهج لإضعاف الإقليم وتقويض قدرته على التفاوض. استهداف عقود اقليم كوردستان مع تركيا وعقود الغاز: شرعنة السيطرة والقفز على الدستور لقد أبرم إقليم كوردستان اتفاقيات تصدير نفطية مع تركيا خلال السنوات المنصرمة، وهي الاتفاقيات التي كانت تُنظر إليها كركيزة أساسية لتعزيز الاستقلالية المالية والسياسية للإقليم، وخطوة نحو تأكيد حقوقه الدستورية في إدارة موارده. يبدو أن السياسة العراقية الحالية تسعى بوضوح إلى إخراج هذه العقود من صلاحيات الإقليم بشكل تام وجعله جزءًا لا يتجزأ من السياسة النفطية الاتحادية الشاملة. فإذا ما تم ربط أنابيب نفط كوردستان بشكل كامل بخطوط أنابيب النفط العراقية ووضعها تحت السيطرة الحصرية لبغداد، ستصبح الحكومة الاتحادية هي "المالك الشرعي" والوحيد لهذه الأنابيب، مما يلغي أي صلاحية لإقليم كوردستان في إدارة أو بيع صادراته النفطية بشكل مستقل. هذا التحول لا يمثل مجرد تغيير في إدارة الموارد، بل هو تغيير جوهري في ديناميكية العلاقة بين المركز والإقليم، ويقوض أحد أهم أسس الحكم الفيدرالي في العراق، وهو حق الأقاليم في إدارة مواردها الطبيعية. الأمر لا يتوقف عند النفط، بل يمتد ليشمل عقود الغاز أيضاً. تشير التكهنات إلى أن هناك احتمالاً كبيراً جداً بأن تكون الحكومة العراقية، في خضم هذه المناورات والضغوط، تهدف إلى السيطرة على عقود الغاز التي أبرمها الإقليم مع شركات أمريكية. الغاز الطبيعي، خاصة في ظل الطلب العالمي المتزايد عليه كوقود انتقالي، يمثل ثروة هائلة ومستقبلية. السيطرة على هذا القطاع الحيوي ستعزز بشكل كبير نفوذ بغداد الاقتصادي والسياسي، وتقلص بشكل أكبر من استقلالية الإقليم وقدرته على استقطاب استثمارات خارجية مباشرة بمعزل عن المركز. هذه المحاولات تشير إلى رغبة في السيطرة الشاملة على قطاع الطاقة بالإقليم بمكونيه النفطي والغازي. تحليل سياسي: النهج العدواني والتهميش الدستوري ضد الإقليم وتناقضات الحكم المركزي يمكن قراءة هذه التحركات المتسارعة والمتصاعدة ضمن تحليل سياسي أوسع للسياسة العراقية تجاه إقليم كوردستان. فبدلاً من التركيز على تعزيز الفيدرالية الحقيقية وتوزيع الصلاحيات بشكل متوازن وشفاف وفقاً للدستور العراقي، يبدو أن هناك نهجًا متصاعدًا وممنهجًا يهدف إلى إضعاف الإقليم وتقليص صلاحياته بشكل تدريجي، وصولاً إلى السيطرة الكاملة عليه. هذا النهج يتجاوز السياقات القانونية والدستورية التي أقرها الدستور الفيدرالي لعام 2005، والذي يعترف بإقليم كوردستان ككيان ذي صلاحيات واسعة في إدارة شؤونه الذاتية، بما في ذلك ملفات الطاقة والموارد الطبيعية. يرى الكثيرون أن هذه السياسات لا تعكس مجرد رغبة في توحيد إدارة الموارد، بل تعكس نهجاً عدوانياً وتهميشياً، بل وربما تتضمن تمييزاً عنصرياً ضد شعب كوردستان. هذا النهج يحرم الإقليم وشعبه من حقه الدستوري في الاستفادة من ثرواته الطبيعية، وإدارة شؤونه بما يضمن رفاهيته، ويدفعه قسراً نحو المزيد من التبعية للمركز. إن هذا الضغط المتواصل، الذي يتجلى في حرمان الموظفين من رواتبهم وتقويض الاستقلالية المالية، وصولاً إلى استهداف البنية التحتية النفطية، يهدد بتقويض التجربة الفيدرالية في العراق ويزيد من حالة عدم الاستقرار والتوتر بين مكوناته. وتزداد حدة هذا التناقض عند مقارنة الأداء العام للحكومة المركزية في بغداد بالوضع في إقليم كوردستان. ففي الوقت الذي تعاني فيه الحكومة العراقية من مؤشرات خطيرة للفساد المستشري وإهدار الثروات، حيث تقدر مليارات الدولارات التي تُفقد أو تُهدر سنوياً، مما ينعكس سلباً على الخدمات الأساسية والبنية التحتية في معظم المحافظات العراقية، نجد أن إقليم كوردستان، على الرغم من تحدياته، قد حقق تقدماً ملحوظاً في جوانب متعددة. فالإقليم يتمتع بمستوى عالٍ من التعايش السلمي والأمن، وهو ما يجذب الاستثمارات ويسمح بتطور القطاعات الحيوية. كما شهدت القطاعات الصحية والتربوية والخدماتية (مثل الكهرباء والطرق) تطوراً ملموساً نسبياً، مما انعكس إيجاباً على حياة المواطنين. بالإضافة إلى ذلك، استطاع الإقليم بناء علاقات دبلوماسية واسعة ومؤثرة مع العديد من الدول الإقليمية والدولية، مما يعزز مكانته كفاعل إقليمي مهم. إن هذا التباين الصارخ بين الوضع الهش للحكومة المركزية، الذي يتسم بالفساد المستمر وضعف الأداء، وبين التطور النسبي والاستقرار في كوردستان، يدفع إلى التساؤل عن الأهداف الحقيقية لبغداد في سعيها للسيطرة المطلقة. هل هي حماية لثروات العراق، أم سعي للسيطرة على مصادر تمويل قد تُستغل في دوامة الفساد نفسها؟ خارطة طريق ومسارات النجاة لإقليم كوردستان: خيارات استراتيجية لمواجهة المؤامرة في ظل هذه المؤامرة الخبيثة والضغط المتزايد، تمتلك حكومة إقليم كوردستان عدة أوراق وخيارات استراتيجية يمكنها أن تسلكها للنجاة وتحصين نفسها، سواء على الساحة الداخلية، الإقليمية، أو الدولية: 1. على الساحة الداخلية الكوردستانية: توحيد الصف الداخلي: تعد الوحدة بين الأحزاب والقوى السياسية الكوردستانية حجر الزاوية لأي استراتيجية دفاعية. الخلافات الداخلية هي نقطة ضعف تستغلها بغداد. يجب التوصل إلى اتفاق سياسي شامل حول إدارة الأزمة وتحديد رؤية موحدة للمستقبل، وتجاوز المصالح الحزبية الضيقة لصالح المصلحة العليا للإقليم. إدارة الأزمة الاقتصادية بكفاءة وشفافية: البحث عن مصادر دخل بديلة على المدى القصير، وترشيد الإنفاق الحكومي بشكل صارم، والعمل على تخفيف الأعباء عن المواطنين. تعزيز الشفافية ومكافحة الفساد داخل الإقليم نفسه سيساعد في استعادة ثقة الشعب والمجتمع الدولي، وتقديم نموذج يُحتذى به مقارنة بالوضع في المركز. تفعيل البرلمان والمؤسسات الدستورية: العودة إلى الآليات الدستورية لفض النزاعات الداخلية والخارجية، وتفعيل دور البرلمان كمرجعية للقرار السياسي، بما يعكس إرادة الشعب ويعزز شرعية القرارات المتخذة. 2. على الساحة العراقية: التفاوض من موقع قوة وحقوق دستورية راسخة: يجب على الإقليم التمسك بالدستور العراقي كمرجعية أساسية، والدفاع بقوة عن صلاحياته الفيدرالية المتعلقة بالنفط والغاز. المطالبة بتفعيل جميع المواد الدستورية التي لم تُطبق بعد، والعمل على بناء جبهة داخلية عراقية واسعة داعمة للفيدرالية الحقيقية، والتي تشمل القوى السياسية التي تؤمن باللامركزية وتقاسم الثروة والسلطة. فضح المؤامرات وتورط الأطراف: الكشف العلني والموثق عن الجهات المتورطة في استهداف حقول النفط، خاصة إذا كانت مرتبطة بجهات تدعمها بغداد، أمام الرأي العام العراقي والدولي. هذا يمكن أن يشكل ضغطاً هائلاً على الحكومة المركزية ويحرجها أمام شركائها الدوليين والمواطنين العراقيين. المطالبة بتعويضات عن الأضرار وبشكل فوري: رفع دعاوى قضائية داخلية وخارجية، بالتعاون مع خبراء قانونيين دوليين، للمطالبة بتعويضات عن الأضرار التي لحقت بالبنية التحتية النفطية نتيجة الهجمات الإرهابية، وتقديم الدلائل التي تشير إلى تورط أطراف معينة. 3. على الساحة الإقليمية والدولية: حشد الدعم الإقليمي والدولي المستمر: الولايات المتحدة الأمريكية: التأكيد على أهمية الإقليم كشريك استراتيجي موثوق في مكافحة الإرهاب وضمان استقرار المنطقة، خاصة وأن مصالح الشركات الأمريكية في الغاز مهددة. يجب الضغط على واشنطن للعب دور أكثر فعالية في حماية الإقليم وحقوقه. الأمم المتحدة والمنظمات الدولية: التوجه إلى مجلس الأمن الدولي وجميع المحافل الأممية لطلب حماية الإقليم من الضغوط غير الدستورية والتهديدات الأمنية، خاصة إذا كانت مرتبطة بجهات مدعومة من بغداد. يجب تقديم ملفات متكاملة توضح الانتهاكات. الدول المجاورة والفاعلة: بناء تحالفات استراتيجية مع الدول التي لديها مصالح في استقرار الإقليم وتدفق الطاقة، مثل تركيا (بشروط جديدة ومراعاة حكم التحكيم وتفاهمات على أساس المصالح المشتركة)، والدول الأوروبية التي تحتاج إلى مصادر طاقة متنوعة بعيداً عن الاعتماد الكامل على مصادر واحدة. تسليط الضوء على انتهاكات الدستور وحقوق الإنسان: التأكيد بشكل مستمر على أن سياسات بغداد تمثل انتهاكاً للدستور الفيدرالي، وقد ترقى إلى مستوى التمييز العنصري والضغط الذي يمس حقوق شعب كوردستان الأساسية، بما في ذلك حقه في الرواتب والخدمات المستقرة. 4. الخيارات القصوى: العودة للبند السابع: المطالبة بإرجاع العراق تحت البند السابع لمجلس الأمن: في حال استمرار التهديدات الأمنية التي تستهدف البنية التحتية للإقليم، أو تدهور الوضع الإنساني بشكل كارثي، أو انتهاك حقوق شعب كوردستان بشكل صارخ وممنهج، يمكن لحكومة الإقليم المطالبة بأن يضع مجلس الأمن الدولي العراق مرة أخرى تحت البند السابع لميثاق الأمم المتحدة. هذا البند يسمح لمجلس الأمن باتخاذ إجراءات غير عسكرية أو عسكرية لضمان الأمن والسلام الدوليين، وهو خيار شديد الخطورة لكنه يعكس مدى جسامة التهديد الذي يواجهه الإقليم وضرورة التدخل الدولي لحماية شعبه. النتائج والتداعيات المحتملة إن هذه التطورات تحمل في طياتها نتائج وتداعيات وخيمة على المدى القريب والبعيد: تفاقم الأزمة الإنسانية والاقتصادية في الإقليم: مع انخفاض الإنتاج النفطي وصعوبة تلبية مطالب بغداد، ستتفاقم الأزمة المالية، مما يؤثر بشكل مباشر على حياة المواطنين في كوردستان، ويزيد من الضغوط المعيشية عليهم. تصعيد التوتر بين بغداد وأربيل: التكتيكات المستخدمة، خاصة إذا تأكد تورط جهات مدعومة من بغداد في الهجمات، ستؤدي إلى تآكل الثقة بشكل كامل، وتصعيد التوتر إلى مستويات غير مسبوقة، مما قد يهدد الاستقرار العام في العراق. تقويض مبدأ الفيدرالية ومستقبل العراق: إذا نجحت بغداد في فرض سيطرتها الكاملة على ملف النفط والغاز في الإقليم، فسيمثل ذلك ضربة قاصمة لمبدأ الفيدرالية الذي يقوم عليه الدستور العراقي، وقد يدفع الإقليم نحو خيارات أكثر تطرفاً في المستقبل، ويهدد وحدة العراق على المدى الطويل. تأثير سلبي على الاستثمار الأجنبي ومستقبل الطاقة: حالة عدم اليقين السياسي والأمني، بالإضافة إلى تعقيدات الصلاحيات والتدخلات، ستؤثر سلباً على رغبة الشركات الأجنبية، وخاصة الأمريكية، في الاستثمار في قطاع الطاقة في الإقليم، سواء في النفط أو الغاز، مما يضر بمستقبل قطاع الطاقة العراقي برمته. احتمالية توسع دائرة الصراع: إذا لم تتم معالجة هذه التوترات بحكمة وعبر الحوار الدستوري، فقد تتحول الخلافات السياسية والاقتصادية إلى مواجهات أمنية أوسع نطاقاً، خاصة مع وجود فصائل مسلحة متعددة الأطراف، مما يجر المنطقة إلى فوضى أكبر. الخاتمة: مستقبل غامض للإقليم ومصير الفيدرالية إن مستقبل إقليم كوردستان يظل معلقاً في ظل هذه التطورات الجيوسياسية والاقتصادية المعقدة. فإذا ما نجحت بغداد في فرض سيطرتها الكاملة على ملف النفط والغاز، سيفقد الإقليم أهم ورقة مساومة له، وسيتأثر استقلاله الاقتصادي والسياسي بشكل كبير، مما قد يؤدي إلى تبعية كاملة للمركز. هذا السيناريو لا يهدد فقط رفاهية شعب كوردستان، بل يهدد أيضاً مستقبل النظام الفيدرالي في العراق برمته، الذي بني على أساس الشراكة وتقاسم السلطات. يبقى التحدي قائماً وبقوة أمام القوى السياسية الكوردستانية للحفاظ على حقوق الإقليم الدستورية، والتفاوض من موقع قوة وحكمة، بعيداً عن سياسات الضغط والإخضاع، بما يضمن الشراكة الحقيقية والتوازن بين مكونات العراق، وفقاً لروح الدستور الفيدرالي الذي أجمع عليه العراقيون. فهل ستسود لغة الحوار والتوافق الدستوري، أم أن الصراع على الثروة والسلطة سيقود العراق إلى مزيد من التعقيد والتوتر؟ وما هو الدور الذي يمكن أن يلعبه المجتمع الدولي في التخفيف من حدة هذا الصراع وضمان حقوق جميع الأطراف؟
/كوردستان 24