حكومة‭ ‬الصدر‭ ‬والعامري

رافد جبوري

22/11/2018

كانت‭ ‬تغريدة‭ ‬زعيم‭ ‬التيار‭ ‬الصدري‭ ‬مقتدى‭ ‬الصدر‭ ‬الموجهة‭ ‬الى‭ ‬الامين‭ ‬العام‭ ‬لمنظمة‭ ‬بدر‭ ‬هادي‭ ‬العامري‭ ‬تطورا‭ ‬لافتا‭ ‬في‭ ‬اسلوب‭ ‬التواصل‭ ‬بين‭ ‬من‭ ‬يتمتعون‭ ‬بمواقع‭ ‬النفوذ‭ ‬والقوة‭ ‬في‭ ‬النظام‭ ‬السياسي‭ ‬في‭ ‬العراق‭. ‬تغريدة‭ ‬الصدر‭ ‬تناشد‭ ‬العامري‭ ‬بان‭ ‬يتدخل‭ ‬لايقاف‭ ‬صفقات‭ ‬ضخمة‭ ‬بين‭ ‬اعضاء‭ ‬تحالف‭ ‬فتح‭ ‬الذي‭ ‬يقوده‭ ‬العامري‭ ‬وبين‭ ‬سياسيين‭ ‬سنة‭ ‬لشراء‭ ‬الوزارات‭ ‬باموال‭ ‬ضخمة‭ ‬وبدعم‭ ‬خارجي‭ ‬يقول‭ ‬الصدر‭ ‬انه‭ ‬لا‭ ‬مثيل‭ ‬له‭. ‬
واذا‭ ‬كان‭ ‬الصدر‭ ‬يذكر‭ ‬العامري‭ ‬باتفاق‭ ‬بينهم‭ ‬لادارة‭ ‬العراق‭ ‬باسلوب‭ ‬جديد‭ ‬فان‭ ‬العامري‭ ‬يرد‭ ‬مؤكدا‭ ‬على‭ ‬التزامه‭ ‬المبدئي‭ ‬قبل‭ ‬الاتفاق‭ ‬مع‭ ‬الصدر‭ ‬وبعده‭ ‬ويطالب‭ ‬الصدر‭ ‬بالدليل‭ ‬من‭ ‬اجل‭ ‬التحرك‭ ‬ضد‭ ‬الفاسدين‭. ‬
في‭ ‬هذا‭ ‬الحوار‭ ‬العلني‭ ‬الذي‭ ‬اختار‭ ‬له‭ ‬الصدر‭ ‬موقع‭ ‬تويتر‭ ‬للتواصل‭ ‬الاجتماعي‭ ‬مسرحا‭ ‬نرى‭ ‬موقفا‭ ‬فريدا‭ ‬يوضح‭ ‬حالة‭ ‬الاتفاق‭ ‬الهش‭ ‬التي‭ ‬ادت‭ ‬الى‭ ‬تعيين‭ ‬عادل‭ ‬عبد‭ ‬المهدي‭ ‬رئيسا‭ ‬للوزراء‭. ‬فبدلا‭ ‬من‭ ‬طريقة‭ ‬اختبار‭ ‬الكتلة‭ ‬البرلمانية‭ ‬الكبرى‭ ‬اولا‭ ‬ثم‭ ‬اختيار‭ ‬تلك‭ ‬الكتلة‭ ‬لرئيس‭ ‬الوزراء‭ ‬فان‭ ‬ما‭ ‬حصل‭ ‬هو‭ ‬اتفاق‭ ‬بين‭ ‬سائرون‭ ‬والفتح‭ ‬وهما‭ ‬الكتلتان‭ ‬الاكبر‭ ‬وان‭ ‬كانتا‭ ‬معا‭ ‬لا‭ ‬تصلان‭ ‬الى‭ ‬الاغلبية‭ ‬البرلمانية‭ ‬المطلقة‭ ‬لكن‭ ‬الاهم‭ ‬انهما‭ ‬الاقوى‭ ‬في‭ ‬الشارع‭ ‬بامتلاكهما‭ ‬للاذرع‭ ‬المسلحة‭. ‬واضح‭ ‬ان‭ ‬السوابق‭ ‬في‭ ‬طريقة‭ ‬اختبار‭ ‬الكتلة‭ ‬الاكبر‭ ‬كانت‭ ‬مخيبة‭ ‬في‭ ‬العراق‭ ‬لكن‭ ‬اي‭ ‬نظام‭ ‬سياسي‭ ‬برلماني‭ ‬يجب‭ ‬ان‭ ‬يحتوي‭ ‬على‭ ‬طريقة‭ ‬للوصول‭ ‬للغالبية‭ ‬البرلمانية‭ ‬الداعمة‭ ‬لمن‭ ‬يتولى‭ ‬الحكم‭ ‬والمسؤولية‭ ‬في‭ ‬موقع‭ ‬رئاسة‭ ‬الحكومة‭.  ‬وفي‭ ‬حالة‭ ‬الاتفاق‭ ‬الهش‭ ‬الذي‭ ‬تشكلت‭ ‬بموجبه‭ ‬الحكومة‭ ‬منقوصة‭,‬‭ ‬كان‭ ‬الصدر‭ ‬هو‭ ‬الاقوى‭ ‬لانه‭ ‬بالاضافة‭ ‬للذراع‭ ‬المسلح‭ ‬يمتلك‭ ‬قاعدة‭ ‬شعبية‭ ‬متماسكة‭ ‬تتبعه‭ ‬مهما‭ ‬فعل‭ ‬وكيف‭ ‬قرر‭ ‬ولديها‭ ‬قابلية‭ ‬حيوية‭ ‬للتنظيم‭ ‬والتحرك‭ ‬على‭ ‬مختلف‭ ‬الصعد‭ ‬الجماهيرية‭ ‬والاعلامية‭ ‬والبرلمانية‭. ‬كما‭ ‬وان‭ ‬الصدر‭ ‬الذي‭ ‬بدأ‭ ‬حياته‭ ‬السياسية‭ ‬مخالفا‭ ‬ومختلفا‭ ‬مع‭ ‬المرجعية‭ ‬الشيعية‭ ‬العليا‭ ‬تحول‭ ‬الان‭ ‬الى‭ ‬موقع‭ ‬قريب‭ ‬من‭ ‬توجهات‭ ‬تلك‭ ‬المرجعية‭ ‬التي‭ ‬ضاقت‭ ‬بفشل‭ ‬النظام‭ ‬السياسي‭ ‬الذي‭ ‬يهيمن‭ ‬عليه‭ ‬الشيعة‭ ‬ودعت‭ ‬اكثر‭ ‬من‭ ‬مرة‭ ‬للاصلاح‭. ‬موقع‭ ‬الصدر‭ ‬الحالي‭ ‬القريب‭ ‬من‭ ‬مرجعية‭ ‬السيستاني‭ ‬ادى‭ ‬الى‭ ‬صعود‭ ‬عادل‭ ‬عبد‭ ‬المهدي‭ ‬رئيسا‭ ‬للوزراء‭ ‬بدعم‭ ‬الطرفين‭,‬‭ ‬الصدر‭ ‬ومرجعية‭ ‬السيستاني‭. ‬لم‭ ‬يكن‭ ‬امام‭ ‬العامري‭ ‬والفتح‭ ‬سوى‭ ‬القبول‭ ‬بذلك‭ ‬خصوصا‭ ‬ان‭ ‬عبد‭ ‬المهدي‭ ‬لا‭ ‬يمثل‭ ‬خطرا‭ ‬استراتيجيا‭ ‬على‭ ‬ايران‭ ‬فهو‭ ‬من‭ ‬حلفائها‭ ‬التاريخيين‭.  ‬
امتدت‭ ‬قوة‭ ‬الصدر‭ ‬لعملية‭ ‬تشكيل‭ ‬الحكومة‭ ‬التي‭ ‬مرر‭ ‬في‭ ‬تشكيلتها‭ ‬الوزراء‭ ‬الذين‭ ‬وافق‭ ‬عليهم‭ ‬فيما‭ ‬عرقل‭ ‬اتباعه‭ ‬في‭ ‬البرلمان‭ ‬اكثر‭ ‬من‭ ‬اسم‭ ‬ممن‭ ‬كان‭ ‬يدعمهم‭ ‬تحالف‭ ‬الفتح‭. ‬مرت‭ ‬اسابيع‭ ‬من‭ ‬التنافس‭ ‬والاختلاف‭ ‬حول‭ ‬الاسماء‭ ‬والوزارات‭ ‬ومن‭ ‬يدعم‭ ‬من‭ ‬في‭ ‬نظام‭ ‬سياسي‭ ‬مشتت‭ ‬اكثر‭ ‬من‭ ‬اي‭ ‬وقت‭ ‬مضى‭ ‬مما‭ ‬يتيح‭ ‬للصدر‭ ‬ان‭ ‬يبدو‭ ‬بصورة‭ ‬اكثر‭ ‬تماسكا‭ ‬وثباتا‭ ‬من‭ ‬الجميع‭. ‬لكن‭ ‬الشعارات‭ ‬التي‭ ‬وضعها‭ ‬الصدر‭ ‬لاتباعه‭ ‬في‭ ‬الحملة‭ ‬الانتخابية‭ ‬من‭ ‬دعوات‭ ‬للاصلاح‭ ‬والابتعاد‭ ‬عن‭ ‬امراض‭ ‬العملية‭ ‬السياسية‭ ‬تحتاج‭ ‬لظروف‭ ‬مناسبة‭ ‬لكي‭ ‬تتحقق‭. ‬واذا‭ ‬كان‭ ‬اتباع‭ ‬الصدر‭ ‬يرون‭ ‬في‭ ‬تغريدته‭ ‬الاخيرة‭ ‬التزاما‭ ‬بتعهده‭ ‬بان‭ ‬تكون‭ ‬الامور‭ ‬شفافة‭ ‬وواضحة‭ ‬امام‭ ‬الراي‭ ‬العام‭ ‬فان‭ ‬منافسي‭ ‬الصدر‭ ‬وخصومه‭ ‬يرونه‭ ‬واحدا‭ ‬من‭ ‬شركاء‭ ‬العملية‭ ‬السياسية‭ ‬ويرون‭ ‬اتباعه‭ ‬الذين‭ ‬تولوا‭ ‬المناصب‭ ‬فيها‭ ‬غير‭ ‬منزهين‭. ‬كما‭ ‬ان‭ ‬العامري‭ ‬وحلفاؤه‭ ‬بنوا‭ ‬ووسعوا‭ ‬قواعدهم‭ ‬الشعبية‭ ‬منذ‭ ‬عام‭ ‬الفين‭ ‬اربعة‭ ‬عشر‭ ‬نتيجة‭ ‬لانخراطهم‭ ‬في‭ ‬المعارك‭ ‬ضد‭ ‬تنظيم‭ ‬داعش‭.‬ثم‭ ‬استطاعوا‭ ‬بعد‭ ‬ذلك‭ ‬ان‭ ‬يحتووا‭ ‬سنة‭ ‬العملية‭ ‬السياسة‭ ‬في‭ ‬العراق‭ ‬بطريقة‭ ‬لم‭ ‬يفعلها‭ ‬الصدر‭ ‬رغم‭ ‬انه‭ ‬اقرب‭ ‬شعبيا‭ ‬الى‭ ‬قطاعات‭ ‬من‭ ‬الراي‭ ‬العام‭ ‬السني‭ ‬في‭ ‬هذه‭ ‬المرحلة‭. ‬لايريد‭ ‬العامري‭ ‬وتحالف‭ ‬الفتح‭ ‬ان‭ ‬يذهب‭ ‬كل‭ ‬ذلك‭ ‬من‭ ‬غير‭ ‬حصاد‭ ‬سياسي‭ ‬حكومي‭ ‬ولا‭ ‬يريدون‭ ‬للصدر‭ ‬ان‭ ‬يتصدر‭ ‬المشهد‭ ‬مسيطرا‭ ‬على‭ ‬كل‭ ‬ابعاده‭. ‬حتى‭ ‬في‭ ‬بعض‭ ‬التعابير‭ ‬التي‭ ‬استخدمها‭ ‬الصدر‭ ‬نلاحظ‭ ‬اختلافا‭ ‬حول‭ ‬امور‭ ‬اساسية‭. ‬فالصدر‭ ‬يقول‭ ‬للعامري‭ ‬بانه‭ ‬تحالف‭ ‬معه‭ ‬لا‭ ‬مع‭ ‬الفاسدين‭ ‬والميليشياويين‭. ‬هنا‭ ‬نقول‭ ‬ان‭ ‬جزءا‭ ‬من‭ ‬الشارع‭ ‬وجزءا‭ ‬كبيرا‭ ‬من‭ ‬انصار‭ ‬الصدر‭ ‬لا‭ ‬يستثنون‭ ‬هادي‭ ‬العامري‭ ‬مما‭ ‬يتهمون‭ ‬به‭ ‬الطبقة‭ ‬السياسية‭ ‬ولا‭ ‬ينسون‭ ‬ان‭ ‬ولده‭ ‬مثلا‭ ‬اعاد‭ ‬طيارة‭ ‬من‭ ‬رحلتها‭ ‬لانها‭ ‬تأخرت‭ ‬عنه‭ ‬حينما‭ ‬كان‭ ‬والده‭ ‬وزيرا‭ ‬للنقل‭ ‬في‭ ‬حكومة‭ ‬المالكي‭. ‬اما‭ ‬في‭ ‬حديث‭ ‬الصدر‭ ‬عن‭ ‬الميليشياويين‭ ‬فانه‭ ‬يقصد‭ ‬من‭ ‬انشقوا‭ ‬عنه‭ ‬مثل‭ ‬عصائب‭ ‬اهل‭ ‬الحق‭ ‬التي‭ ‬تشكل‭ ‬كتلة‭ ‬ليست‭ ‬صغيرة‭ ‬في‭ ‬تحالف‭ ‬العامري‭ ‬ومجموعات‭ ‬اخرى‭ ‬لا‭ ‬يمتلك‭ ‬العامري‭ ‬سيطرة‭ ‬مطلقة‭ ‬عليها‭. ‬نحن‭ ‬ازاء‭ ‬خلافات‭ ‬اعمق‭ ‬من‭ ‬الاتفاق‭ ‬الهش‭ ‬الذي‭ ‬مرر‭ ‬عملية‭ ‬اختيار‭ ‬عبد‭ ‬المهدي‭. ‬وعلى‭ ‬ذكر‭ ‬رئيس‭ ‬الوزراء‭ ‬فان‭ ‬غيابه‭ ‬عن‭ ‬الجدل‭ ‬بشأن‭ ‬اختيار‭ ‬وزرائه‭ ‬يعطي‭ ‬مؤشرا‭ ‬مقلقا‭ ‬بان‭ ‬حكومته‭ ‬ستكون‭ ‬حكومة‭ ‬تشتت‭ ‬في‭ ‬المسؤوليات‭ ‬وغياب‭ ‬في‭ ‬تحديدها‭ ‬وعدم‭ ‬استقرار‭ ‬في‭ ‬العلاقات‭ ‬بين‭ ‬من‭ ‬شكلوها‭ ‬ويحاولون‭ ‬اتمامها‭ ‬نيابة‭ ‬عنه‭.‬

ترددات نوا

Copyright © 2017 - Radio Nawa. Designed and Developed by Avesta Group