السيادة الوطنية و الحشد و الميليشيات ( 1 )

د. مهندالبراك

25/02/2019

بعد سنوات الحصار المؤلم، تسبب الغزو الاميركي الذي تم بضوء اخضر من حكم ولاية الفقيه امتداداً لفتواه التي دعى فيها الى (التعاون مع الشيطان لإسقاط دكتاتورية صدام) في اواخر التسعينات، ثم اثر اعلان الإحتلال و حل الدولة والقوات المسلحة العراقية.. عاشت البلاد و تعيش حالة قاسية من الفوضى و الارهاب، تسببت بشيوع و استشراء الارهاب و الفساد في كل مستويات الدولة و الحياة في البلاد.

و كانت دوائر ايرانية بزعامة هاشمي شاهرودي مسؤول الملف العراقي في وقت التحضير للغزو انذاك، قد هيّأت ذلك الضوء الاخضر للغزو الاميركي، بتشكيل مجاميع مسلحة من الالاف من الاسرى و المهجّرين العراقيين، على اسس قسرية و اغراءات للايمان بمذهب ولاية الفقيه (1)، الامر الذي ادىّ الى تصدّع في حزب الدعوة الاسلامية المقيمة قياداته في ايران حينها، على حد تصريحات و كتابات عدد من قادته انذاك، اضافة لتعريفهم بمفاهيم (الذوبان بالفقيه).. (راجع مقابلات و كتابات حول تلك المواضيع من السادة: غالب و عزت الشابندر، ضياء الشكرجي، انتفاض قمبر المنسق مع البنتاغون و غيرهم، اضافة الى انواع البحوث والتعليقات التي تناقلتها وسائل الاعلام العراقية والاقليمية والدولية على ذلك).

من جهة اخرى اعتمدت تلك الدوائر بداية سياسة الاحتواء وليس الصدام المباشر، و ادارة الصراعات لصعوبة حلّها من جانبها و لتحقيق اهدافها، فاحتوت عديد من التجمعات الاسلامية (الشيعية) بخلافاتها، بالمال والسلاح وتقبّل صراعاتها التي تحقق لها إضعافَها كي تُحسن السيطرة عليها و توجيهها.. حتى صارت ميليشيات طائفية بدأت بالهيمنة وفق توجيهات و توجهات ولاية الفقيه سنوات الاحتلال، في مناطق لم تتواجد فيها قوات اميركية او حليفة او مجاميع من فلول صدام، بالهيمنة تحت مظلة الاحتلال و وفق اتفاقات الدوائر و الكيانات (الشيعية) العراقية و الخليطة، مع الادارة الاميركية، و قد عززت هيمنتها على  الساحة وفق تواجدها و تواجد اماكن منتسبيها في ظرف فراغ عسكري و فكري، و على خطى المحاصصة.

في وقت كانت البلاد مشغولة فيه بالاحتلال والموقف من الدور الاميركي واخطائه العسكرية والسياسية وفلول وعصابات الارهاب وبدور دعاة الوهابية (السنيّة) فيها، اضافة الى القاعدة ومشاريع (الدولة الاسلامية) الارهابية، في صراعات لم تبالي بالتضحيات الهائلة بأرواح وممتلكات المدنيين العراقيين نساء ورجالا و اطفالاً.. فعملت على الهيمنة بلا ضجيج على دوائر الدولة الاساسية من الاسفل، نحو الاعلى الذي كان من جهته مسرحاً لصراع متنوع مع الإحتلال المعلن الاميركي. في وقت اعاقت فيه كل تلك التشكيلات الطائفية (السنية والشيعية) البدء ببناء جديد للقوات المسلحة الحكومية الرسمية، بعد تسريح وطرد العسكريين بمختلف مراتبهم بهراوة (اجتثاث البعث) العمياء، واستمرت الميليشيات بالنمو والتسلّح والتحكم في العاصمة بغداد والبصرة خاصة وباقي المناطق التي تتواجد فيها مستغلة ضعف او غياب الدولة والقانون.

وتحت نظر وسماح ودعم السيد نوري المالكي الامين العام لحزب الدعوة الحاكم، الرئيس الاسبق للوزراء لدورتين ونصف، الذي بتقدير مراقبين مطّلعين سار ويسير على النهج المرسوم من الدوائر الايرانية مقابل حمايته بكل الوسائل، والذي قام بعمليات لادستورية كبرى: من الحسابات البنكية السوداء والتحويلات الخارجية، فضيحة هروب قادة ارهابيين بالمئات من سجني ابو غريب والتاجي لدعم تحركات الرئيس السوري الأسد (راجع مقابلة وزير عدل المالكي "حسن الشمري" في قناة الرشيد الفضائية عام 2013 ) حين كان المالكي رئيساً للوزراء ووزير الدفاع والداخلية وكالة ولدورتين ونصف، والذي ضغط بعد تمثيله للولاء للبيت الابيض الاميركي، لإنسحاب القوات الاميركية في عام 2011، رغم تحذيرات مخلصة متعددة ومتنوعة من مخاطر هائلة تلوح من داعش ومن تواطئ انواع العصابات والميليشيات معها.

لتطل داعش الاجرامية برأسها علناً بعد سنة على الانسحاب الاميركي وتنتشر سريعاً في غرب البلاد، ثم لينكّل بالجيش العراقي من خلال فرض الهزيمة عليه دون إبداء أي مقاومة أو خوض معارك ضد عصابات داعش الإجرامية التي اجتاحت الموصل واقامت مذابح يندى لها الجبين بحق الايزيديين والمسيحيين وغيرهم من الطوائف، واعلنت قيام دولتها وعاصمتها فيها في حزيران عام 2014، بعد ان سيطرت على كل ما يملكه الجيش العراقي في محافظة نينوى من سلاح متفوق وعتاد واحدث العربات العسكرية اضافة الى الاموال الفلكية من بنك الموصل المركزي.. ومسؤوليته عن نكبة سبايكر التي راح ضحيتها الالاف من شباب المدارس العسكرية بانواع صنوفها بغالبيتهم الشيعية، في وقت زاد فيه من اعتماده على الميليشيات الطائفية وتطوير تسليحها وحصانتها ومحاولته التقرّب للعشائر التي صدّته بغالبيتها

(يتبع)
21/2/2019
ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
على اساس ايديولوجيا تدعو الى ولاية الفقيه و حكمه الاوحد و على اساس ان معارك الامام الحسين مستمرة حتى النصر ضد الطاغية يزيد بعد مضي قرون و قرون عليها (راجع خطاب نوري المالكي بمناسبة تأسيس حزب الدعوة خلال دورة حكمه).
[email protected]

ترددات نوا

Copyright © 2017 - Radio Nawa. Designed and Developed by Avesta Group