وللعراقيين أصالتُهم

حسين الصدر

02/03/2019
– 1 –
لا ينبغي أن نلام على حبنا للعراق ، وطننا العزيز الذي شربنا عذبَ مائِه وذقنا لذيذ غذائِه ، ونعمنا بخيراته وبركاته ، وغذونا العقول والقلوب بروائع مفكريه وأدبائه .
انّ حُبَّ الوطن هو مقتضى الأصل، والغريب أنْ يتنكر المواطن لوطنه ، متمرداً عليه ، غاصّاً بالعيش في رحابه ، متوثبا لمغادرته ..!!
– 2 –
ولا يكفي أنْ تُحبَّ الوطن ، اذا كنتَ لا تقرن ذلك بحبّ أهله وناسه .. ذلك انّ الوطن ليس بترابه فحسب ، بل بمَنْ أنجَبَهُ من الاعلام، ومَنْ انتمى اليه من الطيبين والطيبات، فهم شركاؤك فيه، لهم مالَكَ ، وعليهم ما عليك سواء بسواء …
– 3 –
وكاتب السطور مفتون بمجمل ما يحمله العراقيون من سمات الشهامة ، والنبل والأصالة ، وهو ينتهز الفرص ليكتب عن بعض ما تمور به الساحة من مكارم اخلاق العراقيين وطباعهم السامية ..
واننا لنزداد يوماً بعد يوم قناعةً في صحة  ما اعتقدناه في أهلنا الميامين.
– 4 –
دعوني أحدثكم عن فتى لم يبلغ الحُلُم، يلتقي بسائق شاحنةٍ كبيرة ولا يعرف شيئا عنه على الاطلاق، ولكنه يشعر بانه غريب عن المنطقة ، وليس له فيها ملجأ أو ملاذ ، فيبادر الى التماسه أنْ ينتظره قليلا ، ثم يذهب الى داره ليجلب للسائق الغريب طعاماً يليق بالضيوف ، ثم يُلحق ذلك ، بتقديم ما تيّسر من الفواكه والحلوى،
 لم يكن هذا العمل بايحاء مِنْ احد بل كان بايحاء ودافع من ذاته العراقية النبيلة ..
وهذا ما افتخرت به عشيرتُه ، ونوّه به أحدُ كبارها ، في ديوان العشيرة حين اجتماعهم .
ولقد عظُم في عيني هذا الفتى – الرجل، بما انطوت عليه نَفْسُهُ مِنَ الطِيبة والسخاء والنبل .
وهو في هذا يعكس فطرةَ العراقيين السليمة وطباعهم الكريمة …
طوبى لكم ايها العراقيون النبلاء بما تملكون من خصائص انسانية عالية واخلاقية سامية ..
– 5 –
والفطرة السليمة قد تُلَوّثُ أحيانا ويُفسدُها الطغاة الجبابرة ، كما مَسَخَ الطاغوت المقبور بدمويته وتنكره للقيم والموازين، فريقا مِمَنْ أوقعهم في فخاخه ومستنقعاته الآسنة ..
– 6 –
واترك حديثي عن هذا الفتى العراقي الأصيل، لأتحدّثَ عن سائق سيارة للأجرة أَوْصَلَ رجلاً الى احدى القنوات الفضائية، ولكنه وجد هاتف الرجل المذكور وقد نسيه في سيارته، فقرر العودة الى مقر القناة الفضائية التي أوْصلَهُ اليها ، وسلّم (الهاتف المحمول) لصاحبه .
وكان صاحب الهاتف المحمول قد أصابه لونٌ عجيب من الانفعال والتأثر، ذلك انّ هاتفه المحمول هو المخزن الكبير الذي أودعه الأرقام والأسرار..!!
ومن هنا فقد فرح كثيرا حين عاد اليه هاتِفُه ، وبادر الى مكافأة السائق مكافأة مجزية، ولكن السائق أبى ورفض أَنْ يأخذ شيئا مما قُدم اليه مُكتفياً بالقول :
” اني أديتُ واجبي “
– 7 –
انّ اداء الواجب لا يتعارض مع قبول الهِبَة التي تُقدم لمن أدّى الواجب ، ولكنّ النفس الكبيرة تأبى ان تأخذ الأجرة على ما تراه عملاً لازما لا محيص عنه ..
وهنا تكمن الفضيلة ، وتبدو صورةُ النبل والشهامة واضحة جليّة .

ترددات نوا

Copyright © 2017 - Radio Nawa. Designed and Developed by Avesta Group