عودة ارضية تدهور الاوضاع الامنية

ماجد زيدان

05/03/2019

تراجعت الاوضاع الامنية وتدهورت في المدة الاخيرة في المناطق التي تم تحريرها من ما يسمى بتنظيم الدولة الاسلامية "داعش"، فلا يمر يوما من دون خرقا للقانون وانتهاكا للامن، من تفجير واختطاف الى قتل وما الى ذلك، يشمل المدنيين والعسكريين وتخريب لمنشات اقتصادية وخدمية..

يشخص هذا شعبيا ورسميا، المواطنون يئنون من هذه المعاناة والمصائب وصراخهم يسمع من به صمم، ورجال الدولة والمسؤولين على مختلف المستويات ما عادوا يتحرجون من التصريح علنا عما يجري ويحذرون منه الاجهزة المسؤولة وصاحبة القرار ويحملونها المآل عن ذلك.

الاسباب لم تعد خافية او انها قابلة للطمطمة، انها تفقأ العين، فالبعض منها تفضحها جرائم داعش ذاتها التي تتبنها بلا خوف ووجل والاخرى يلمسها المواطنون في تعاملاتهم اليومية، وهي على كل شفة ولسان، تذكرنا بالامس القريب عندما ضج الناس بالشكوى من الضيم الذي يتعرضون له على يد بعض الاجهزة الرسمية والتنظيمات المتطرفة والمافيات والعصابات وقوى نافذة وعلى مراى ومسمع من الاجهزة الامنية، بل وبمشاركتها في فرض الاتاوات على المصالح الاقتصادية وشيوع الفساد على نطاق واسع الذي اصبح من سمات الحياة اليومية في مدن عديدة بمقدمتها الموصل.

الواقع ان محافظة نينوى على وجه الخصوص تعيش اوضاعا شبيه بظروف ما قبل سيطرة الارهاب وداعش وتهيئة بيئة مناسبة لنمو الارهاب وتمدده واطاحته بالسلطات المحلية بسهولة الى جانب تفاقم الصراع بين الارادات السياسية والتنازع على الامتيازات والمكاسب واشعال الفتن الطائفية التي اطلت براسها مجددا، والغريب بعضها منجهات يفترض ان تكون هي حامية الحمى، كمحاولات الاستيلاء على الجوامع والحسينات وخروج الصراع بين الوقفين الشيعي والسني على الاملاك الى العلن واتخاذه شكلا صارخا وقسريا، فيما تتفرج السلطة ولا تاخذ الاجراء الجدي بتوحيد الوقفين وقبر المنازعات قبل ان تتطورالى اسوء مما عليه الان.

والاكثر خطورة ان البعض من المطلعين يبرأون "داعش" من بعض التفجيرات الاخيرة مستندين على معطيات مقبولة ويعزونها الى حروب اقتصادية ومحاولات الاستيلاء على مشاريع واعمال ناجحة او لرفض اصحابها الخضوع للابتزاز ودفع الاتاوات لجهات تزعم انها رسمية ومتطرفة وحزبية للمشاركة في الارباح، حسب تصريحات لاعضاء مجلس المحافظة ونواب.. وهذا ما سبب ركودا في الانشطة الاقتصادية وتحجيمها واثار الخوف من الاستثمار في هذه المناطق واعادة تاهيلها واعمارها.

الالتفات الى منع من عودة "داعش" او جيل جديد من التنظيمات الارهبية ينبغي معالجة المشاكل والتحديات واجتثاث الاسباب الحقيقية التي ادت الى الانهيار الامني وسقوط المحافظات الست في وقتها، لان تكرار الامر يعني لن تقوم للبلاد قائمة.

اولى الخطوات التي على الحكومة والبرلمان والقوى النافذة ان توليها الاهمية تعزيز الارادة الوطنية المستقلة واعمال القانون وتفعيله ومحاربة الفساد مهما كان شكله ونوعه والجهات التي تقف وراءه والمحاصصة المقيته وضرب المليشيات والعصابات وفضحها فعلا وليس بالاقوال وتخصيص الاموال لاعادة البناء والاسراع بعودة النازحين وتقديم كل التسهيلات لتنشيط الاقتصاد الوطني ودعم القطاع الخاص لاقامة المشاريع الجديدة وعودة الراسمال المهاجر الى البلاد ليسهمفي الدورة الاقتصادية، اي اننا بحاجةالى برنامج حكومي شفاف وواضح وملموس وقابل للتنفيذ باجال محددة قريبة ومتوسطة يراكم الثروة ويحسن من الحياة المعيشية للناس ويخلق فرص عمل اضافية ويقلص البطالة.

هذا وغيره من المستلزمات الاساسية لمحاربة التنظيمات الارهابية التي بدأت تتبلور وتنشط مستغلة استياء المواطنين وتذمرهم من الاداء الحكومي والعملية السياسية والفوضى الضاربة في البلاد ولقطع الطريق على تدهور امني قد لا يجد بين الناس الاستعداد لمواجهته وقتاله مثل المرة السابقة، فالاوضاع السيئة عادت الى ما كانت عليه قبل التحرير وفشلت الادارة في تقديم ما ينفع الناس ويساعدهم على تجاوز تداعيات حكم داعش.

ترددات نوا

Copyright © 2017 - Radio Nawa. Designed and Developed by Avesta Group