حكومة‭ ‬مكتملة‭ ‬إلا‭ ‬قليلاً‭ ‬

رافد جبوري

29/06/2019

ماكان‭ ‬تعيين‭ ‬الوزراء‭ ‬الجدد‭ ‬في‭ ‬حكومة‭ ‬رئيس‭ ‬الوزراء‭ ‬العراقي‭ ‬عادل‭ ‬عبد‭ ‬المهدي‭ ‬سيتم‭ ‬لولا‭ ‬تهديد‭ ‬زعيم‭ ‬التيار‭ ‬الصدري‭ ‬مقتدى‭ ‬الصدر‭ ‬الذي‭ ‬حدد‭ ‬مهلة‭ ‬محددة‭ ‬لتعيين‭ ‬وزراء‭ ‬في‭ ‬الاماكن‭ ‬الشاغرة‭. ‬كانت‭ ‬هناك‭ ‬عوامل‭ ‬اخرى‭ ‬طبعا‭ ‬اهمها‭ ‬حاجة‭ ‬رئيس‭ ‬الوزراء‭ ‬نفسه‭ ‬والنظام‭ ‬السياسي‭ ‬العراقي‭ ‬ككل‭ ‬في‭ ‬التحرك‭ ‬مع‭ ‬تصاعد‭ ‬درجات‭ ‬الحرارة‭ ‬والنقمة‭ ‬الشعبية‭ ‬التي‭ ‬تتصاعد‭ ‬معها‭ ‬كل‭ ‬عام‭ ‬بسبب‭ ‬نقص‭ ‬الخدمات‭ ‬الحاد‭. ‬لن‭ ‬يؤدي‭ ‬تعيين‭ ‬وزراء‭ ‬جدد‭ ‬للدفاع‭ ‬والداخلية‭ ‬والعدل‭ ‬الى‭ ‬تحسن‭ ‬في‭ ‬الخدمات‭ ‬طبعا‭ ‬ولكنها‭ ‬مبادرة‭ ‬تبرز‭ ‬في‭ ‬الاخبار‭ ‬لتظهر‭ ‬لمن‭ ‬يتابع‭ ‬ويريد‭ ‬ان‭ ‬يصدق‭ ‬ان‭ ‬الحكومة‭ ‬تتحرك‭ ‬و‭ ‬تكتمل‭ ‬وبأنها‭ ‬تعمل‭ ‬ما‭ ‬تستطيع‭ ‬في‭ ‬ظل‭ ‬الظروف‭ ‬المعروفة‭. ‬كما‭ ‬انها‭ ‬تظهر‭ ‬ان‭ ‬القوى‭ ‬السياسية‭ ‬المتحكمة‭ ‬في‭ ‬العراق‭ ‬قد‭ ‬تواقفت‭ ‬الى‭ ‬حد‭ ‬ما‭ ‬من‭ ‬اجل‭ ‬تمرير‭ ‬مرشحين‭ ‬لشغل‭ ‬الوزارات‭ ‬الشاغرة‭ ‬وهي‭ ‬وزارات‭ ‬مهمة‭ ‬جدا‭ ‬بطبيعة‭ ‬الحال‭ ‬وان‭ ‬كانت‭ ‬الطريقة‭ ‬التي‭ ‬تجري‭ ‬بها‭ ‬الامور‭ ‬في‭ ‬العراق‭ ‬تقلل‭ ‬من‭ ‬اهمية‭ ‬دور‭ ‬من‭ ‬يشغلها‭. ‬فوزراء‭ ‬الدفاع‭ ‬والداخلية‭ ‬يقودون‭ ‬قوات‭ ‬تخضغ‭ ‬فعليا‭ ‬لسلطة‭ ‬قيادة‭ ‬العمليات‭ ‬اي‭ ‬سلطة‭ ‬القائد‭ ‬العام‭ ‬للقوات‭ ‬المسلحة‭ ‬رئيس‭ ‬الوزراء‭ ‬ولسنا‭ ‬هنا‭ ‬في‭ ‬مورد‭ ‬بحث‭ ‬كيفية‭ ‬ممارسة‭ ‬القائد‭ ‬العام‭ ‬لتلك‭ ‬السلطة‭ ‬او‭ ‬من‭ ‬يؤثر‭ ‬عليه‭ ‬من‭ ‬القوى‭ ‬الخارجية‭ ‬والداخلية‭ ‬في‭ ‬ذلك‭. ‬اما‭ ‬وزير‭ ‬العدل‭ ‬فان‭ ‬منصبه‭ ‬اقل‭ ‬اهمية‭ ‬من‭ ‬منصبي‭ ‬رئيس‭ ‬السلطة‭ ‬القضائية‭ ‬و‭ ‬رئيس‭ ‬المحكمة‭ ‬الاتحادية‭. ‬لكن‭ ‬مهلا‭ ‬فأن‭ ‬الاهم‭ ‬هو‭ ‬ان‭ ‬الوزراء‭ ‬هؤلاء‭ ‬يسيطرون‭ ‬على‭ ‬وزراء‭ ‬دسمة‭ ‬اي‭ ‬غنية‭ ‬من‭ ‬ناحية‭ ‬التخصيصات‭ ‬المالية‭. ‬فوزيري‭ ‬الدفاع‭ ‬والداخلية‭ ‬سيكون‭ ‬لهم‭ ‬اطلاع‭ ‬دائم‭ ‬و‭ ‬رأي‭ ‬وتأثير‭ ‬في‭ ‬العقود‭ ‬التسليحية‭ ‬كما‭ ‬ان‭ ‬وزير‭ ‬العدل‭ ‬سيكون‭ ‬مسؤولا‭ ‬عن‭ ‬ملف‭ ‬السجون‭ ‬الملئ‭ ‬بالموارد‭ ‬والعقود‭ ‬هو‭ ‬الاخر‭. ‬

اذا‭ ‬نظرنا‭ ‬بسرعة‭ ‬الى‭ ‬الشخصيات‭ ‬التي‭ ‬استوزرت‭ ‬فان‭ ‬رئيس‭ ‬الوزراء‭ ‬السابق‭ ‬اياد‭ ‬علاوي‭ ‬قد‭ ‬اوصل‭ ‬مرشحه‭ ‬الى‭ ‬وزارة‭ ‬الدفاع‭ ‬وهذا‭ ‬واحد‭ ‬من‭ ‬اهم‭ ‬المناصب‭ ‬التي‭ ‬يحصل‭ ‬عليها‭ ‬علاوي‭ ‬لاحد‭ ‬مرشحيه‭ ‬منذ‭ ‬مدة‭. ‬لكن‭ ‬الوزير‭ ‬الجديد‭ ‬الجنرال‭ ‬نجاح‭ ‬الشمري‭ ‬تعرض‭ ‬لهجوم‭ ‬سريع‭ ‬من‭ ‬قبل‭ ‬الجيوش‭ ‬الالكترونية‭ ‬متهمة‭ ‬اياه‭ ‬بتهم‭ ‬مختلفة‭ ‬ابرزها‭ ‬تتعلق‭ ‬بقمع‭ ‬الانتفاضية‭ ‬الشيعية‭ ‬في‭ ‬جنوب‭ ‬العراق‭ ‬في‭ ‬مطلع‭ ‬تسعينيات‭ ‬القرن‭ ‬الماضي‭. ‬لكن‭ ‬هذا‭ ‬لن‭ ‬يؤثر‭ ‬على‭ ‬الاغلب‭ ‬فالصفقة‭ ‬السياسية‭ ‬تمت‭ ‬ووافقت‭ ‬على‭ ‬تمرير‭ ‬المرشح‭ ‬وسيكون‭ ‬محصنا‭ ‬في‭ ‬الفترة‭ ‬الحالية‭ ‬من‭ ‬تلك‭ ‬الاتهامات‭ ‬حتى‭ ‬لو‭ ‬كانت‭ ‬صحيحة‭ ‬هي‭ ‬الاغلب‭ ‬خاطئة‭ ‬او‭ ‬مسيسة‭. ‬

اما‭ ‬وزير‭ ‬الداخلية‭ ‬تحسين‭ ‬الياسري‭ ‬فعلى‭ ‬عكس‭ ‬الشمري‭ ‬حييته‭ ‬الاوساط‭ ‬الاعلامية‭ ‬مرحبة‭ ‬بتعيينه‭. ‬جاء‭ ‬تعيين‭ ‬الياسري‭ ‬المقرب‭ ‬جدا‭ ‬من‭ ‬عبد‭ ‬المهدي‭ ‬ليحل‭ ‬عقدة‭ ‬اصرار‭ ‬تحالف‭ ‬الفتح‭ ‬على‭ ‬تعيين‭ ‬فالح‭ ‬الفياض‭ ‬للداخلية‭. ‬لكن‭ ‬الفياض‭ ‬احتفظ‭ ‬بمنصب‭ ‬بل‭ ‬وبمناصب‭ ‬هي‭ ‬اهم‭ ‬فعليا‭ ‬من‭  ‬منصب‭ ‬وزير‭ ‬الداخلية‭. ‬اضيف‭ ‬وزير‭ ‬اخر‭ ‬اذن‭ ‬الى‭ ‬قائمة‭ ‬الوزراء‭ ‬الذين‭ ‬عينهم‭ ‬عبد‭ ‬المهدي‭ ‬بنفسه‭ ‬لا‭ ‬من‭ ‬ترشيح‭ ‬مباشر‭ ‬من‭ ‬القوى‭ ‬السياسية‭ ‬المتنفذة‭. ‬مبادرات‭ ‬الوزير‭ ‬الياسري‭ ‬الميدانية‭ ‬في‭ ‬ايامه‭ ‬الاولى‭ ‬حظيت‭ ‬بتفاعل‭ ‬ايجابي‭ ‬من‭ ‬وسائل‭ ‬الاعلام‭ ‬فالياسري‭ ‬معروف‭ ‬بعلاقات‭ ‬الودية‭ ‬مع‭ ‬الاعلاميين‭ ‬في‭ ‬منصبة‭ ‬السابق‭ ‬في‭ ‬ادارة‭ ‬الجنسية‭ ‬والجوازات‭. ‬لكن‭ ‬الذاكرة‭ ‬العراقية‭ ‬لن‭ ‬تنسى‭ ‬انه‭ ‬في‭ ‬منصبه‭ ‬ذاك‭ ‬اصدر‭ ‬جواز‭ ‬السفر‭ ‬من‭ ‬نوع‭ ‬جي‭ ‬وتعهد‭ ‬بان‭ ‬عملية‭ ‬الاصدار‭ ‬ستكون‭ ‬شفافة‭ ‬و‭ ‬مهنية‭ ‬لكن‭ ‬ما‭ ‬حصل‭ ‬ان‭ ‬الجواز‭ ‬جي‭ ‬بيع‭ ‬بمئات‭ ‬الدولارات‭ ‬عن‭ ‬طريق‭ ‬قنوات‭ ‬الفساد‭ ‬المتعددة‭. ‬سيكون‭ ‬على‭ ‬الوزير‭ ‬الياسري‭ ‬ان‭ ‬يحارب‭ ‬تلك‭ ‬القنوات‭ ‬ويثبت‭ ‬انه‭ ‬ليس‭ ‬جزءا‭ ‬منها‭ ‬ان‭ ‬اراد‭ ‬الاصلاح‭ ‬فعلا‭.‬

اما‭ ‬وزير‭ ‬العدل‭ ‬فاروق‭ ‬الشواني‭ ‬فقد‭ ‬عين‭ ‬عن‭ ‬طريق‭ ‬الحصة‭ ‬الكردية‭ ‬في‭ ‬نظام‭ ‬المحاصصة‭ ‬الطائفية‭ ‬العراقي‭ ‬فيأتي‭ ‬ليؤشر‭ ‬اتفاقا‭ ‬بين‭ ‬الحزبين‭ ‬الكرديين‭ ‬المسيطرين‭. ‬لكن‭ ‬ضلع‭ ‬المحاصصة‭ ‬الثالث‭ ‬وهم‭ ‬العرب‭ ‬السنة‭ ‬ما‭ ‬زال‭ ‬مكسورا‭ ‬فقد‭ ‬استمر‭ ‬تخبط‭ ‬زعمائهم‭ ‬الجالسين‭ ‬على‭ ‬عرش‭ ‬خراب‭ ‬المدن‭ ‬ونزوح‭ ‬اهلها‭ ‬وخساراتهم‭. ‬لم‭ ‬تحصل‭ ‬المرشحة‭ ‬المقدمة‭ ‬لمنصب‭ ‬وزير‭ ‬التربية‭ ‬عليه‭ ‬وباتت‭ ‬حقيبة‭ ‬التربية‭ ‬هي‭ ‬الحقيبة‭ ‬الوحيدة‭ ‬الشاغرة‭ ‬في‭ ‬حكومة‭ ‬عبد‭ ‬المهدي‭ ‬وقد‭ ‬كتبنا‭ ‬وكتب‭ ‬غيرنا‭ ‬بان‭ ‬ذلك‭ ‬اعطى‭ ‬للصحافة‭ ‬وللصحافة‭ ‬الساخرة‭ ‬تحديدا‭ ‬عنوانا‭ ‬لم‭ ‬يكن‭ ‬عبد‭ ‬المهدي‭ ‬يتمناه‭ ‬لحكومته‭ ‬في‭ ‬ان‭ ‬تكون‭ ‬حكومة‭ ‬بلا‭ ‬تربية‭. ‬

اشر‭ ‬تعيين‭ ‬الوزراء‭ ‬الجدد‭ ‬استمرارا‭ ‬لنفس‭ ‬الصيغة‭ ‬التي‭ ‬قادت‭ ‬الى‭ ‬تشكيل‭ ‬الحكومة‭ ‬من‭ ‬الاساس‭ ‬العام‭ ‬الماضي‭ ‬فهي‭ ‬نتاج‭ ‬لتوافق‭ ‬باركته‭ ‬المرجعية‭ ‬الشيعية‭ ‬في‭ ‬النجف‭ ‬بين‭ ‬كتلة‭ ‬سائرون‭ ‬التابعة‭ ‬للصدر‭ ‬والفتح‭ ‬التي‭ ‬تضم‭ ‬الجماعات‭ ‬الشيعية‭ ‬المسلحة‭ ‬الاخرى‭. ‬اما‭ ‬المسؤولية‭ ‬عن‭ ‬ادائها‭ ‬واداء‭ ‬رئيسها‭ ‬فتبقى‭ ‬ضائعة‭ ‬ومعتمدة‭ ‬على‭ ‬الميول‭ ‬والمصالح‭ ‬السياسية‭ ‬والظروف‭. ‬

ترددات نوا

Copyright © 2017 - Radio Nawa. Designed and Developed by Avesta Group