الإعلام لا يُقمع

رافد جبوري

06/07/2019

عنوان‭ ‬المقال‭ ‬يستوحي‭ ‬الهاشتاغ‭ ‬الذي‭ ‬قدمه‭ ‬صحفيون‭ ‬و‭ ‬اعلاميون‭ ‬وناشطون‭ ‬عراقيون‭ ‬ضد‭ ‬تصريحات‭ ‬قائد‭ ‬عمليات‭ ‬البصرة‭ ‬الجنرال‭ ‬قاسم‭ ‬نزال‭ ‬الذي‭ ‬توعد‭ ‬باعتقال‭ ‬اي‭ ‬اعلامي‭ ‬يغطي‭ ‬التظاهرات‭ ‬المتوقع‭ ‬اندلاعها‭ ‬في‭ ‬البصرة‭. ‬نزال‭ ‬يقع‭ ‬تحت‭ ‬ضغط‭ ‬كبير‭ ‬طبعا‭ ‬لان‭ ‬تظاهرات‭ ‬العام‭ ‬الماضي‭ ‬في‭ ‬البصرة‭ ‬شكلت‭ ‬موقفا‭ ‬خطيرا‭ ‬هدد‭ ‬كل‭ ‬النظام‭ ‬السياسي‭ ‬في‭ ‬العراق‭ ‬وهو‭ ‬مطالب‭ ‬من‭ ‬قبل‭ ‬قادة‭ ‬النظام‭ ‬بان‭ ‬يضبط‭ ‬الاوضاع‭ ‬ويضمن‭ ‬ان‭ ‬لا‭ ‬تتكرر‭ ‬احداث‭ ‬العام‭ ‬الماضي‭ ‬التي‭ ‬هزت‭ ‬عروش‭ ‬الطبقة‭ ‬الحاكمة‭. ‬لا‭ ‬نحتاج‭ ‬هنا‭ ‬للقول‭ ‬باننا‭ ‬ضد‭ ‬الفوضى‭ ‬وضد‭ ‬العنف‭ ‬وضد‭ ‬خرق‭ ‬القانون‭ ‬لكن‭ ‬من‭ ‬يصنع‭ ‬الازمات‭ ‬هو‭ ‬هذا‭ ‬النظام‭ ‬السياسي‭. ‬وهذا‭ ‬النظام‭ ‬السياسي‭ ‬هو‭ ‬المطالب‭ ‬بوضع‭ ‬الحلول‭ ‬لها‭. ‬وهنا‭ ‬نتحدث‭ ‬عن‭ ‬حلول‭ ‬حقيقية‭ ‬لا‭ ‬الحلول‭ ‬الامنية‭ ‬التي‭ ‬توكل‭ ‬لامثال‭ ‬قاسم‭ ‬نزال‭ ‬فيتخبط‭ ‬في‭ ‬موقعه‭ ‬متوعدا‭ ‬بتنفيذها‭. ‬

لا‭ ‬اعرف‭ ‬الكثير‭ ‬عن‭ ‬التاريخ‭ ‬العسكري‭ ‬للجنرال‭ ‬نزال‭ ‬لكن‭ ‬اعرف‭ ‬طبعا‭ ‬ان‭ ‬قادة‭ ‬عسكريين‭ ‬اكبر‭ ‬واصغر‭ ‬منه‭ ‬هزموا‭ ‬شر‭ ‬هزيمة‭ ‬اما‭ ‬مجموعة‭ ‬مسلحة‭ ‬ليست‭ ‬كبيرة‭ ‬هي‭ ‬تنظيم‭ ‬داعش‭ ‬قبل‭ ‬اعوام‭ ‬قليلة‭. ‬وقد‭ ‬استغرقت‭ ‬عملية‭ ‬استعادة‭ ‬الاراضي‭ ‬التي‭ ‬احتلها‭ ‬التنظيم‭ ‬في‭ ‬ثلاثة‭ ‬ايام‭ ‬ثلاث‭ ‬سنوات‭ ‬طويلة‭ ‬وما‭ ‬كان‭ ‬ذلك‭ ‬ليتم‭ ‬لولا‭ ‬الدعم‭ ‬الاميركي‭ ‬والغربي‭ ‬المباشر‭ ‬والهائل‭ ‬في‭ ‬العمليات‭ ‬العسكرية‭. ‬وفي‭ ‬اطار‭ ‬نظام‭ ‬الانتشار‭ ‬الامني‭ ‬العراقي‭ ‬اصبح‭ ‬نزال‭ ‬على‭ ‬رأس‭ ‬قيادة‭ ‬عمليات‭ ‬البصرة‭ ‬اي‭ ‬انه‭ ‬القائد‭ ‬الاعلى‭ ‬في‭ ‬المحافظة‭ ‬والمسؤول‭ ‬على‭ ‬عمل‭ ‬الاجهزة‭ ‬الامنية‭ ‬فيها‭. ‬حديث‭ ‬نزال‭ ‬الذي‭ ‬اثار‭ ‬الجدل‭ ‬والاستياء‭ ‬عن‭ ‬التظاهرات‭ ‬وردت‭ ‬فيه‭ ‬ايضا‭ ‬دعوته‭ ‬لان‭ ‬يكون‭ ‬التظاهر‭ ‬مرخصا‭ ‬ومحددا‭ ‬بوقت‭ ‬وزمان‭ ‬ومواقفات‭ ‬اصولية‭. ‬لابأس‭ ‬في‭ ‬ذلك‭ ‬من‭ ‬حيث‭ ‬المبدأ‭ ‬لكن‭ ‬واقع‭ ‬البصرة,‭ ‬وواقع‭ ‬العراق‭ ‬عموما‭ ‬يجعل‭ ‬من‭ ‬الصعب‭ ‬فعلا‭ ‬توقع‭ ‬ان‭ ‬يتصرف‭ ‬المتظاهرون‭ ‬بهدوء‭ ‬وروية‭ ‬وهم‭ ‬يعيشون‭ ‬واقعا‭ ‬بائسا‭. ‬فتظاهرات‭ ‬الصيف‭ ‬الماضي‭ ‬في‭ ‬البصرة‭ ‬كانت‭ ‬انفجارا‭ ‬للغضب‭ ‬من‭ ‬كل‭ ‬التناقضات‭ ‬التي‭ ‬تقوم‭ ‬عليها‭ ‬السلطة‭ ‬في‭ ‬البصرة‭ ‬تحديدا‭ ‬وفي‭ ‬العراق‭ ‬عموما‭. ‬فالناس‭ ‬الذي‭ ‬يعيشون‭ ‬فوق‭ ‬بحر‭ ‬من‭ ‬النفط‭ ‬لا‭ ‬يرون‭ ‬خدمات‭ ‬جيدة‭ ‬او‭ ‬فرص‭ ‬عمل‭. ‬لايرون‭ ‬سوى‭ ‬التلوث‭ ‬وتنعم‭ ‬المتنفذين‭ ‬والاقوياء‭ ‬ومحاسيبهم‭ ‬بالثروة‭ ‬النفطية‭. ‬من‭ ‬المعلوم‭ ‬طبعا‭ ‬ان‭ ‬ازمات‭ ‬العراق‭ ‬عميقة‭ ‬وانه‭ ‬من‭ ‬غير‭ ‬المعقول‭ ‬توقع‭ ‬ان‭ ‬تنعكس‭ ‬الثروات‭ ‬على‭ ‬شكل‭ ‬خدمات‭ ‬وفرص‭ ‬عمل‭ ‬وفق‭ ‬نموذج‭ ‬بعض‭ ‬الدول‭ ‬الخليجية‭ ‬الاصغر‭ ‬من‭ ‬العراق‭ ‬من‭ ‬ناحية‭ ‬السكان‭ ‬لكن‭ ‬كوارث‭ ‬الفساد‭ ‬في‭ ‬العراق‭ ‬وعدم‭ ‬اقتناع‭ ‬الجماهير‭ ‬بوجود‭ ‬بداية‭ ‬لاصلاح‭ ‬حقيقي‭ ‬رغم‭ ‬جبال‭ ‬الوعود‭ ‬تمثل‭ ‬وضعا‭ ‬ينذر‭ ‬بمزيد‭ ‬من‭ ‬التظاهرات‭ ‬و‭ ‬الغضب‭. ‬حل‭ ‬تلك‭ ‬المشاكل‭ ‬والاوضاع‭ ‬ليس‭ ‬عند‭ ‬قاسم‭ ‬نزال‭ ‬لكنه‭ ‬يجب‭ ‬ان‭ ‬يدرك‭ ‬الوضع‭ ‬الذي‭ ‬يقف‭ ‬مسؤولا‭ ‬عن‭ ‬حمايته‭ ‬في‭ ‬اطار‭ ‬تقييمه‭ ‬للموقف‭ ‬كقائد‭ ‬عسكري‭ ‬امني‭. ‬

تظاهرات‭ ‬العام‭ ‬الماضي‭ ‬في‭ ‬البصرة‭ ‬لم‭ ‬تكن‭ ‬الاكبر‭ ‬لكنها‭ ‬كانت‭ ‬الاخطر‭ ‬على‭ ‬النظام‭ ‬السياسي‭ ‬العراقي‭. ‬لقد‭ ‬هاجم‭ ‬المتظاهرون‭ ‬مقرات‭ ‬لاحزاب‭ ‬وجماعات‭ ‬مسلحة‭ ‬ظنت‭ ‬بانها‭ ‬باتت‭ ‬مقدسة‭ ‬لانها‭ ‬شاركت‭ ‬في‭ ‬العمليات‭ ‬القتالية‭ ‬ضد‭ ‬تنظيم‭ ‬داعش‭. ‬كما‭ ‬وتم‭ ‬حرق‭ ‬القنصلية‭ ‬الايرانية‭ ‬في‭ ‬بادرة‭ ‬غير‭ ‬متوقعة‭ ‬في‭ ‬محافظة‭ ‬تحظى‭ ‬فيها‭ ‬القوى‭ ‬العراقية‭ ‬المتحالفة‭ ‬مع‭ ‬ايران‭ ‬بقوة‭ ‬وحضور‭ ‬كبيرين‭. ‬من‭ ‬اجل‭ ‬سلامة‭ ‬وسلام‭ ‬الجميع‭ ‬لا‭ ‬احد‭ ‬يريد‭ ‬تكرار‭ ‬العنف‭ ‬وتصاعده‭ ‬مرة‭ ‬اخرى‭ ‬مع‭ ‬لهب‭ ‬هذا‭ ‬الصيف,‭ ‬لكن‭ ‬الحلول‭ ‬التي‭ ‬تستخدمها‭ ‬السلطات‭ ‬العراقية‭ ‬هي‭ ‬امنية‭ ‬فقط‭ ‬مثل‭ ‬اعتقالات‭ ‬الناشطين‭ ‬وتشديد‭ ‬الاجراءات‭ ‬الامنية‭.‬والحلول‭ ‬الامنية‭ ‬لوحدها‭ ‬قد‭ ‬تقمع‭ ‬الناس‭ ‬مرة‭ ‬او‭ ‬مرات‭ ‬لكنها‭ ‬لن‭ ‬تحل‭ ‬المشاكل‭ ‬الحقيقية‭. ‬لم‭ ‬يجر‭ ‬اصلاح‭ ‬حقيقي‭ ‬رغم‭ ‬الوعود‭ ‬التي‭ ‬قطعها‭ ‬رئيس‭ ‬الوزراء‭ ‬السابق‭ ‬حيدر‭ ‬العبادي‭. ‬بل‭ ‬تم‭ ‬استخدام‭ ‬العنف‭ ‬والرصاص‭ ‬الحي‭ ‬وقتل‭ ‬المتظاهرين‭ ‬في‭ ‬البصرة‭ ‬العام‭ ‬الماضي‭ ‬وكان‭ ‬ذلك‭ ‬واحدا‭ ‬من‭ ‬العوامل‭ ‬التي‭ ‬ادت‭ ‬الى‭ ‬اسقاط‭ ‬العبادي‭ ‬من‭ ‬منصبه‭. ‬كما‭ ‬لم‭ ‬تقدم‭ ‬الحكومة‭ ‬الحالية‭ ‬برئاسة‭ ‬عادل‭ ‬عبد‭ ‬المهدي‭ ‬ما‭ ‬يوحي‭ ‬على‭ ‬الاقل‭ ‬بالشروع‭ ‬بعمليات‭ ‬اصلاح‭ ‬حقيقية‭ ‬لمكافحة‭ ‬الفساد‭. ‬تهديدات‭ ‬نزال‭ ‬لن‭ ‬تحل‭ ‬مشاكل‭ ‬البصرة‭ ‬والعراق‭ ‬بل‭ ‬هاهي‭ ‬تخلق‭ ‬مشاكل‭ ‬جديدة‭ ‬مع‭ ‬الاعلام‭.‬

ترددات نوا

Copyright © 2017 - Radio Nawa. Designed and Developed by Avesta Group