عنوان المقال يستوحي الهاشتاغ الذي قدمه صحفيون و اعلاميون وناشطون عراقيون ضد تصريحات قائد عمليات البصرة الجنرال قاسم نزال الذي توعد باعتقال اي اعلامي يغطي التظاهرات المتوقع اندلاعها في البصرة. نزال يقع تحت ضغط كبير طبعا لان تظاهرات العام الماضي في البصرة شكلت موقفا خطيرا هدد كل النظام السياسي في العراق وهو مطالب من قبل قادة النظام بان يضبط الاوضاع ويضمن ان لا تتكرر احداث العام الماضي التي هزت عروش الطبقة الحاكمة. لا نحتاج هنا للقول باننا ضد الفوضى وضد العنف وضد خرق القانون لكن من يصنع الازمات هو هذا النظام السياسي. وهذا النظام السياسي هو المطالب بوضع الحلول لها. وهنا نتحدث عن حلول حقيقية لا الحلول الامنية التي توكل لامثال قاسم نزال فيتخبط في موقعه متوعدا بتنفيذها.
لا اعرف الكثير عن التاريخ العسكري للجنرال نزال لكن اعرف طبعا ان قادة عسكريين اكبر واصغر منه هزموا شر هزيمة اما مجموعة مسلحة ليست كبيرة هي تنظيم داعش قبل اعوام قليلة. وقد استغرقت عملية استعادة الاراضي التي احتلها التنظيم في ثلاثة ايام ثلاث سنوات طويلة وما كان ذلك ليتم لولا الدعم الاميركي والغربي المباشر والهائل في العمليات العسكرية. وفي اطار نظام الانتشار الامني العراقي اصبح نزال على رأس قيادة عمليات البصرة اي انه القائد الاعلى في المحافظة والمسؤول على عمل الاجهزة الامنية فيها. حديث نزال الذي اثار الجدل والاستياء عن التظاهرات وردت فيه ايضا دعوته لان يكون التظاهر مرخصا ومحددا بوقت وزمان ومواقفات اصولية. لابأس في ذلك من حيث المبدأ لكن واقع البصرة, وواقع العراق عموما يجعل من الصعب فعلا توقع ان يتصرف المتظاهرون بهدوء وروية وهم يعيشون واقعا بائسا. فتظاهرات الصيف الماضي في البصرة كانت انفجارا للغضب من كل التناقضات التي تقوم عليها السلطة في البصرة تحديدا وفي العراق عموما. فالناس الذي يعيشون فوق بحر من النفط لا يرون خدمات جيدة او فرص عمل. لايرون سوى التلوث وتنعم المتنفذين والاقوياء ومحاسيبهم بالثروة النفطية. من المعلوم طبعا ان ازمات العراق عميقة وانه من غير المعقول توقع ان تنعكس الثروات على شكل خدمات وفرص عمل وفق نموذج بعض الدول الخليجية الاصغر من العراق من ناحية السكان لكن كوارث الفساد في العراق وعدم اقتناع الجماهير بوجود بداية لاصلاح حقيقي رغم جبال الوعود تمثل وضعا ينذر بمزيد من التظاهرات و الغضب. حل تلك المشاكل والاوضاع ليس عند قاسم نزال لكنه يجب ان يدرك الوضع الذي يقف مسؤولا عن حمايته في اطار تقييمه للموقف كقائد عسكري امني.
تظاهرات العام الماضي في البصرة لم تكن الاكبر لكنها كانت الاخطر على النظام السياسي العراقي. لقد هاجم المتظاهرون مقرات لاحزاب وجماعات مسلحة ظنت بانها باتت مقدسة لانها شاركت في العمليات القتالية ضد تنظيم داعش. كما وتم حرق القنصلية الايرانية في بادرة غير متوقعة في محافظة تحظى فيها القوى العراقية المتحالفة مع ايران بقوة وحضور كبيرين. من اجل سلامة وسلام الجميع لا احد يريد تكرار العنف وتصاعده مرة اخرى مع لهب هذا الصيف, لكن الحلول التي تستخدمها السلطات العراقية هي امنية فقط مثل اعتقالات الناشطين وتشديد الاجراءات الامنية.والحلول الامنية لوحدها قد تقمع الناس مرة او مرات لكنها لن تحل المشاكل الحقيقية. لم يجر اصلاح حقيقي رغم الوعود التي قطعها رئيس الوزراء السابق حيدر العبادي. بل تم استخدام العنف والرصاص الحي وقتل المتظاهرين في البصرة العام الماضي وكان ذلك واحدا من العوامل التي ادت الى اسقاط العبادي من منصبه. كما لم تقدم الحكومة الحالية برئاسة عادل عبد المهدي ما يوحي على الاقل بالشروع بعمليات اصلاح حقيقية لمكافحة الفساد. تهديدات نزال لن تحل مشاكل البصرة والعراق بل هاهي تخلق مشاكل جديدة مع الاعلام.