محمية طبيعية.. نيابية وسياسية

فاتح عبد السلام

19/08/2019

الظاهرة الاستثنائية في العراق هي أن الوزراء في أية حكومة مرّت عليه،هادئون وديعون في أغلبيتهم، يتجنبون الدخول في جدالات مع الشعب بالرغم من الشتائم التي يعرفون أنّها تنهال عليهم صباح مساء. غير انّه في المقابل هناك ظاهرة نوّاب البرلمان الناريين المتفجرين اللعّانين الشتّامين المزبدين المرعدين القاسين على الناس، الذين قد يذهب الظن بهمأنّهم جاءوا الى المجلس النيابي ليتخاصموا مع الشعب الذي من المفترض أنّه انتخبهم في يوم مشرق وليس مظلماً.

ضيق صدر النائب العراقي من سماع اعتراضات ومطالبات المواطنين ظاهرة تستحق الدراسة . فالنائب في أية دولة مصغ لصوت الشعب لأنّه ممثلهُ في الواجهة الرسمية التي هي البرلمان .

ابرز أسباب هذه الظاهرة هي جهل النائب بأوليات دوره فضلاً عن انحسار أفق السواد الأعظم من النوّاب في المدار الحزبي المقيت الذي لفظهم الى البرلمان، وهم لم ينلوا الاصوات الحقيقية التي يمكن ان تكون دالة على انّه مممثلو شعب، وليس بضع مئات لا أحد يدري كيف صوتوا.

التقاسمات بالحصص والتوافقات وجداول الترضيات وتفاهمات الاوقات الحرجة والتوزيعات المقررة مسبقاً للعضوية والمقاعد مسألة منالفساد السياسي المحمي بالتشريعات والقوانين، لكن لايمكن أن تستمر الاوضاع الى ما لانهاية .

وهنا الامر ليس مرتبطاً بهذه الدورة البرلمانية على نحوخاص، بالرغم من انّها تبدو الدورة الأقل كفاءةً وانتاجاً، كما أن الامر ليس خاصاً بالمشهد السياسي الحالي وحده برغم مافيه من بلايا ورزايا وتدليس وتفكيك وهدر وضياع وتغطيات ساذجة لقرص الشمس .

الفساد ليس في حافظة النقود وليس بحاملها وحسب، ولكن في البيئة الحاضنة، أو هذه المحمية (الطبيعية) لكل ما يقود للانهيار.

Copyright © 2017 - Radio Nawa. Designed and Developed by Avesta Group