تقع منشأة فوردو النووية قرب مدينة قم جنوب
العاصمة الإيرانية طهران، داخل منطقة جبلية محصّنة تُعرف بطبيعتها الوعرة، على عمق
مئات الأمتار تحت الأرض، في تصميم هدفه الأساسي هو مقاومة الهجمات الجوية
والصاروخية. تم الكشف عن هذه المنشأة لأول مرة في عام 2009، ما أثار حينها أزمة
دولية واتهامات لطهران بإخفاء أنشطتها النووية عن المجتمع الدولي.
تُعد فوردو إحدى أبرز المنشآت النووية
الإيرانية المخصصة لتخصيب اليورانيوم، حيث تضم المئات من أجهزة الطرد المركزي
المتقدمة. وعلى الرغم من توقيع إيران الاتفاق النووي مع الدول الكبرى عام 2015
(خطة العمل الشاملة المشتركة)، فإن فوردو بقيت تحت المراقبة الدولية، مع السماح
لها بإجراء بعض الأنشطة المحدودة. لكن بعد انسحاب الولايات المتحدة من الاتفاق عام
2018 في عهد الرئيس دونالد ترامب، زادت إيران من مستوى التخصيب وتوسعت في نشاطها
داخل المنشأة.
في ظلّ التصعيد العسكري الأخير بين إيران
والولايات المتحدة، أصبحت فوردو مجددًا في قلب الأحداث. فقد شنّت القوات
الأميركية، في الأيام الأخيرة، ضربة جوية استهدفت الموقع، يُعتقد أنها استخدمت
قنابل خارقة للتحصينات أصابت الجبل الذي يُخفي المنشأة. وبحسب صور أقمار صناعية
تجارية، ظهرت ستة ثقوب يُرجّح أنها ناتجة عن القصف، ما يشير إلى احتمال تعرّض
البنية التحتية لأضرار جسيمة.
وصرّح خبراء نوويون بأن الهجوم ربما دمر
المنشأة جزئيًا أو كليًا، بما في ذلك أجهزة الطرد المركزي، لكن لا توجد تأكيدات
رسمية حتى الآن حول حجم الخسائر. وتبقى تقديرات الضرر تحت الأرض غير مؤكدة بسبب
عمق الموقع وتحصينه الشديد.
رد إيران لم يتأخر، إذ اعتبرت الضربة
الأميركية عدوانًا سافرًا على سيادتها، وهددت بردّ قاسٍ. فيما أكدت الولايات
المتحدة أن الهجوم يأتي في إطار جهودها لوقف أي تقدم نحو امتلاك إيران سلاحًا
نوويًا، وهو ما تنفيه طهران التي تؤكد أن برنامجها سلمي بحت.
ومع تزايد المخاوف من امتداد المواجهة إلى صراع
أوسع في المنطقة، تعود منشأة فوردو لتكون رمزًا للتوتر النووي المستمر، ومؤشرًا
على هشاشة الاتفاقات الدولية في ظل الصراعات الجيوسياسية.
منشآت نووية أخرى في إيران: شبكة متكاملة
للتخصيب والبحث
إلى جانب منشأة فوردو، تمتلك إيران شبكة واسعة
من المنشآت النووية الموزعة في أنحاء مختلفة من البلاد، وتضطلع كل منها بدور مهم
في البرنامج النووي الإيراني:
نطنز (Natanz):
تُعدّ منشأة نطنز الواقعة في محافظة أصفهان، من
أكبر وأهم مراكز تخصيب اليورانيوم في إيران. وهي المنشأة الرئيسية التي تحتوي على
آلاف أجهزة الطرد المركزي من طراز IR-1 وIR-6،
وتعرضت لهجمات سيبرانية وتخريبية متكررة خلال السنوات الماضية،
أبرزها في 2020
و2021. نطنز تُشكّل العمود الفقري للقدرات التخصيبية الإيرانية.
أراك (Arak):
تقع في محافظة مركزي، وتضم مفاعلًا للماء
الثقيل كان مصمماً لإنتاج البلوتونيوم، ما أثار مخاوف من إمكانية استخدامه في
تصنيع سلاح نووي. وبموجب الاتفاق النووي عام 2015، وافقت إيران على تعديل المفاعل
لمنع إنتاج البلوتونيوم المستخدم في
السلاح، لكنه ما زال محلّ تدقيق من الوكالة
الدولية للطاقة الذرية.
أصفهان (Isfahan):
تضم منشآت لتحويل اليورانيوم ومرافق بحثية، من
بينها مصنع "UCF" لتحويل الكعكة الصفراء إلى غاز "UF6"، المستخدم في عمليات
التخصيب. وتُعد أصفهان مركزاً علمياً وتقنياً مهمًا في منظومة البرنامج النووي.
بوشهر (Bushehr):
هو أول مفاعل نووي لإنتاج الطاقة الكهربائية في
إيران، ويقع على ساحل الخليج العربي. أنشئ بالتعاون مع روسيا، وبدأ تشغيله عام
2011. وتؤكد إيران أن بوشهر مخصص للأغراض السلمية فقط ولا يُستخدم في تخصيب
اليورانيوم.
بارشين (Parchin):
منشأة عسكرية جنوب شرقي طهران، يُشتبه بأنها
كانت مسرحًا لأنشطة نووية غير مُعلنة تتعلق بتفجيرات شديدة الانفجار، وقد منعت
إيران مفتشي الوكالة الدولية من الوصول الكامل إليها لفترات طويلة
اعداد /اواز سليم عبدالله /راديو نوا