الدروز هم طائفة دينية باطنية توحيدية نشأت في أوائل القرن الحادي عشر الميلادي في العصر الفاطمي بمصر، ثم انتشرت في بلاد الشام. يصفون أنفسهم بـ"الموحدين" أو "أهل التوحيد"، وهم ليسوا من الفرق الإسلامية التقليدية، ويعتبرون طائفة مغلقة دينيا وفكريا.
النشأة التاريخية:
تعود أصول الطائفة إلى عهد الخليفة الفاطمي الحاكم بأمر الله (996–1021م)، الذي اعتبره أتباع هذه الطائفة تجسيدا للإله.
المؤسس الفعلي هو حمزة بن علي بن أحمد، وهو مفكر فارسي تولى نشر تعاليم العقيدة الجديدة.
أحد الدعاة ويدعى نشتكين الدرزي بدأ بنشر العقيدة بصورة متطرفة، مما أثار سخط حمزة وأتباعه، ومع ذلك التصق اسمه بالطائفة، رغم رفضهم لهذه التسمية.
العقيدة والمعتقدات عقيدة سرية
الدروز يؤمنون بـ التوحيد المطلق لله، لكن بطريقة فلسفية وباطنية.
لا يؤمنون بأركان الإسلام الظاهرة كالزكاة والحج والصلاة الجماعية، ويؤمنون بأن العبادة داخلية وروحية.
يؤمنون بـ تناسخ الأرواح، حيث تنتقل الروح بعد الموت إلى جسد آخر، وهي فكرة مركزية في العقيدة الدرزية.
يؤمنون بأن العقل الكلي هو أول ما خلقه الله، ومنه تنبعث كل الكائنات.
لا يملكون شريعة أو فقه مثل المسلمين، وإنما لديهم كتب سرية تُدعى "رسائل الحكمة"، ولا يطّلع عليها إلا فئة خاصة تُدعى "العقلاء".
التنظيم الاجتماعي:
ينقسم المجتمع الدرزي إلى فئتين رئيسيتين:
الجهال: عامة الناس، لا يعرفون الأسرار الدينية ولا يُسمح لهم بالاطلاع على النصوص المقدسة.
العقال: هم النخبة الدينية، زهاد ورجال دين يتبعون نمط حياة صارم، يُسمح لهم بالاطلاع على تعاليم الدين وممارسة الشعائر.
المرأة في المجتمع الدرزي لها مكانة محترمة، ويمكن أن تكون من العقلاء.
توزيعهم الجغرافي:
يقدر عدد الدروز بنحو مليون ونصف تقريبا، موزعين كالتالي:
سوريا حوالي 700 ألف:
يشكلون الأغلبية في محافظة السويداء جبل العرب.
لهم تواجد في ريف دمشق (جبل الشيخ، جرمانا، صحنايا) ومحافظة القنيطرة.
لبنان حوالي 350-400 ألف:
يتركزون في جبل لبنان، خاصة في الشوف وعاليه وراشيا.
يمثلون أحد المكونات الأساسية للطائفية السياسية اللبنانية.
فلسطين/إسرائيل (حوالي 150 ألف
يعيشون في الجليل (دالية الكرمل، عسفيا) وهضبة الجولان.
يتم تجنيدهم في الجيش الإسرائيلي منذ 1956.
المهجر:
توجد جاليات درزية في الولايات المتحدة وكندا وفنزويلا والبرازيل وأستراليا.
مواقفهم السياسية والتاريخية:
في سوريا:
قادوا الثورة السورية الكبرى عام 1925 بقيادة سلطان باشا الأطرش ضد الاستعمار الفرنسي.
يتمتعون باستقلال نسبي في مناطقهم، ولكنهم تأثروا كثيرًا بالحرب الأهلية منذ 2011.
يحاولون الحفاظ على الحياد النسبي، خاصة في محافظة السويداء، لكنهم شاركوا في بعض الحراكات المدنية.
في لبنان:
يعدون من أبرز القوى السياسية عبر الحزب التقدمي الاشتراكي الذي أسسه كمال جنبلاط ويقوده حاليًا وليد جنبلاط، ثم تيمور جنبلاط.
لعبوا دوراً في الحرب الأهلية اللبنانية ضمن "جبهة المقاومة الوطنية".
في إسرائيل:
لهم وضع خاص، حيث يجندون في الجيش ويشاركون في الحياة السياسية.
بعضهم يعارض هذا التجنيد، خصوصًا دروز الجولان المحتلين الذين يرفضون الجنسية الإسرائيلية.
الثقافة واللغة:
لغتهم الأم هي العربية.
يتميزون بموروث شعبي غني، يتضمن الشعر الزجلي، والحكم، والأمثال.
يحبون التعليم، ولهم نسبة عالية من المتعلمين.
الديانة الدرزية ليست دعوية:
لا يقبلون اعتناق أفراد جدد لدينهم.
يمنعون الخروج من الطائفة أيضًا.
الزواج يجب أن يتم داخل الطائفة حصريا.
من يترك الدين الدرزي يعتبر خارج الجماعة ولا يعاد له الاعتبار.
كتبهم المقدسة:
تعرف بـ "رسائل الحكمة" وهي 111 رسالة كتبها حمزة بن علي ورفاقه.
تحفظ في السر ولا يكشف عنها إلا للعقلاء.
لا توجد مساجد للطائفة، بل لديهم خلوات أماكن روحية للتأمل والصلاة.
نقاط إضافية:
يلبس العقلاء الدروز زيا مميزا: عمامة بيضاء للرجال، وثوب بسيط للنساء.
لا يشرب العقلاء الكحول ولا يدخنون.
يعتمدون على الاجتماعيات والمجالس الدينية في اتخاذ قرارات مجتمعية مهمة.
يحتفلون بـ عيد الأضحى على طريقتهم، لكن لا يصومون رمضان.