الزفاف الأحمر" حينما تحول الخيال إلى سلاح استخباراتي ضد إيران
قبل 2 أيام
في واحدة من أكثر العمليات العسكرية
والاستخباراتية جرأة، نفذت إسرائيل بدعم أميركي هجوماً مباغتاً ضد أهداف
استراتيجية في إيران، حمل اسمين رمزيين لافتين: "الزفاف الأحمر" و**"عملية
نارنيا"**، مستوحَيين من عالمَي الدراما والخيال، ليشكلا ملامح حرب من نوع
مختلف.
مفاجأة في منتصف الليل
ففي ليلة الثالث عشر من حزيران، اجتمع قادة
الجيش الإسرائيلي في غرفة عمليات تحت الأرض، لمتابعة انطلاق المقاتلات الإسرائيلية
نحو طهران. الهجوم سُمِّي "الزفاف الأحمر"، في إشارة إلى مشهد دموي شهير
من مسلسل "صراع العروش"، حيث تُرتكب مجزرة خلال حفل زفاف.
وبعد ساعات، كانت النتيجة صادمة: سقوط عدد من
كبار القادة العسكريين الإيرانيين، فيما وُصِف بأنه "مجزرة جماعية خلدت كضربة
افتتاحية لحرب استمرت اثني عشر يوماً بين إسرائيل وإيران.
"عملية نارنيا".. من الخيال إلى
الواقع
الضربة لم تتوقف عند الاستهداف المباشر للقادة
العسكريين، بل امتدت لتشمل اغتيال تسعة من أبرز العلماء النوويين الإيرانيين في
منازلهم، بشكل متزامن ومدروس. العملية حملت اسم "نارنيا"، إشارة إلى
عالم خيالي من سلسلة كتب للأطفال، لكنها هذه المرة كانت واقعية بالكامل.
هذه الخطوة غير التقليدية تطلبت تخطيطاً دقيقاً
ومعلومات استخباراتية متقدمة، بمشاركة جهاز "الموساد"، الذي عمل لشهور
على تهريب طائرات مسيّرة صغيرة ومتفجرات إلى عمق الأراضي الإيرانية، حيث تمركزت
فرق خاصة استعداداً لتنفيذ الهجمات.
مخاطرة محسوبة
بحسب تقرير نشرته وول ستريت جورنال، فإن
إسرائيل كانت تدرك أن أي خطأ في التنفيذ قد يؤدي إلى كارثة، لا سيما أن المواقع
المستهدفة كانت تبعد أكثر من ألف ميل، ما تطلّب تنسيقاً جوياً معقداً وتدريبات
طويلة المدى، بدأت منذ سنوات، شملت تدريبات في اليونان واليمن.
لكن مع اقتراب لحظة التنفيذ، ظهر تحد غير
متوقّع: بدأ قادة إيرانيون في التحرك من مواقعهم، ما دفع الإسرائيليين للاعتقاد
بأن خطتهم كُشفت، غير أن المفاجأة تمثلت في تجمع القادة الإيرانيين في مكان واحد –
وهو الخطأ الذي مكّن إسرائيل من تنفيذ "الزفاف الأحمر" بكامل دقّته،
وأدى إلى مقتل عدد كبير من القيادات دفعة واحدة.
دعم أميركي من الخلف
ورغم نفي علني من الرئيس الأميركي السابق
دونالد ترمب لأي نية في التصعيد، تكشف التقارير أن البيت الأبيض كان على علم
ومشاركة ضمنية في العملية، إذ أمر لاحقاً بشنّ ضربات جوية أميركية على المواقع
النووية الإيرانية، استكمالاً للهجوم الإسرائيلي.
هل حققت العملية أهدافها؟
رغم النجاح الاستخباراتي والعسكري المذهل، فإن
التساؤلات لا تزال قائمة حول مدى قدرة إسرائيل والولايات المتحدة على تدمير كامل
البرنامج النووي الإيراني، في ظل تقارير متضاربة عن حجم الأضرار، وإمكانية طهران
على التعافي وإعادة بناء منشآتها.
لكن من المؤكد أن العملية كشفت عن قوة التنسيق
والتخطيط الإسرائيلي الأميركي، وأنها كانت نتاج عقود من العمل الاستخباراتي السري
داخل إيران، حيث بنت إسرائيل شبكة تجسس واسعة منذ منتصف التسعينيات، استهدفت
العلماء والمنشآت والبنى التحتية.
حرب متعددة الجبهات
في موازاة هذه العملية، خاضت إسرائيل صراعاً
على جبهات متعددة مع حماس في غزة، وحزب الله في لبنان، وحتى المجال الجوي السوري
الذي أصبح أكثر انفتاحاً بعد سقوط النظام الحليف لطهران، هذه العوامل مجتمعة هيّأت
المناخ المناسب لتوجيه الضربة، دون قدرة إيران على الرد الفوري أو الفعّال.
خلاصة:
ما حدث لم يكن مجرد هجوم عسكري تقليدي، بل
عملية نفسية واستخباراتية مركبة، اعتمدت على التضليل، التمويه، والمفاجأة، وسُطّرت
بعناوين مستوحاة من الخيال، لكنها تجسدت على أرض الواقع في واحدة من أكثر العمليات
جرأة ضد إيران منذ عقود.