مسؤولون لنوا: الاقتصاد العراقي في مرمى الاستهداف.. والحرائق بفعل فاعل

21/05/2019 قسم المراسلين

حرائق مجهولة المصدر اشتعلت في حقول العراق الزراعية، والتهمت مئات الدونمات من القمح في غرب وشمال البلاد، وحولت محاصيل الموسم "الذهبي" كما كان يتوقعه الفلاحون، الى رماد أمام اعينهم.

وسلسلة الحرائق غير المعهودة هذه لم تقتصر على محافظة واحدة، بل شملت عدة محافظات منها صلاح الدين وكركوك ونينوى والأنبار، اما الجهات التي تقف وراءها مازالت غير معروفة.

ولم تصدر رئاسات الثلاث اي موقف تجاه الاراضي الزراعية الواسعة التي التهمتها النيران في ظروف غامضة، والجهات الأمنية تقول انها تجري تحقيقا لمعرفة الأسباب.

وقالت عضو مجلس محافظة نينوى، كلاويش علي امين، إنه "بعد انتظار طال عدة اشهر للوصول الى موسم الحصاد وجني ثمرة الجهد التي بذلها الفلاحون، التهمت الحرائق حقول الحنطة والشعير في مناطق عدة من مخور".

واعتبرت امين في حديث لموقع راديو نوا، أن "سلسلة الحرائق هذه مدبرة هدفها تدمير الاقتصاد العراقي"، داعية الجهات الامنية الى اجراء تحقيق عاجل في الامر.

واشارت الى ان "مديرية الدفاع المدني لن تتمكن من حماية المنتج المحلي في حال نشوب حرائق من هذا النوع، ما لم يتم دعمها بكافة الاليات والمعدات من قبل سلطات بغداد".

وتتراوح وجهات النظر بشأن حرائق القمح بين من يرى أنها مدبرة، وتستهدف الاضرار بمداخيل الفلاحين واقتصاد المحافظات، وبين من يرى أنها حوادث عادية ناجمة عن الإهمال.

 محافظ كركوك "وكالة" راكان الجبوري في حديث لنوا قال: "نحن متخوفون من الحرائق الاخيرة التي شهدتها حقول العراق تحديدا مناطقه الشمالية"، مرجحا أن تكون الحرائق ناجمة عن غزارة الامطار في الموسم ما جعل الأرض ادغالها متصلة وليست محصورة بالاماكن الاروائية، ما يجعلها عرضة لاشتعال النيران فيها والامتداد الى مناطق اخرى بشكل سريع.

وبشأن الامكانيات التي تمتلكها مديرية دفاع كركوك لمعالجة هكذا حرائق، اكد الجبوري أن قدرات المديرية لاتفِ بالغرض في حال نشوب حرائق واسعة وفي مناطق مختلفة كما حصل في الحويجة وداقون وحمرين، مشيرا إلى أنه تم مخاطبة بغداد بهذا الغرض لكن الاخيرة اعتذرت بحجة عدم توفر الامكانية.

واكد الجبوري على ضرورة تطويق الحقول الزراعية من خلال الحراثة لتفادي خطر وصول النيران لها في حال حدوث اي حريق من هذا النوع، مخاطبة الفلاحين: "لكم حق المطالبة بالتعويضات عبر الطرق الرسمية".

وكانت النيران ماتزال مشتعلة في بعض مزارع الحنطة في شمال بغداد، حتى وقت قريب من يوم امس، ضمن سلسلة حرائق في مناطق زراعية غير متصلة التهمت أكثـر من 3 آلاف دونم حتى الآن وتسببت بخسائر تقدر بترليون دينار.
بدوره قال العميد صالح محمد علي مدير الدفاع المدني في كركوك، إن فرق المديرية تلقت بلاغا عن نشوب حريق فرب مطار المليحة بعد ذلك تم اعلامنا بان الحريق تم اخماده من قبل مزارعي المنطقة.

وتابع: "بعد ذلك تلقينا بلاغا آخر عن نشوب حريق في حوض 18، حيث توجهت مباشرة قوة من مركز دفاع الحويجة ومركز كركوك الى موقع الحريق، بمشاركة 7 فرق اطفاء.

وأشار الى أن الحريق نشب في تمام الساعة الـ 7:25 مساء مما زاد من تعقيد معالجة الحرائق بسبب الظلام الدامس ودخان النيران التي كانت تعتم كل شيء، بالاضافة الى الادغال العالية التي صعبت علينا تحديد الطرق المسلوكة من الاخرى.

واكد علي ان مديرية دفاع كركوك لن تتمكن من اطفاء عشرات الحرائق في آن واحد بسبب محدودية الآليات التي تمتلكها.

والتهمت حرائق محافظة ديالى نحو 500 دونم من مزارع الحنطة والشعير، على اثرها اصدرت الكتل الكردستانية في مقر البرلمان الاتحادي بيانا، اتهمت فيه، ما سمتها "جهات مجهولة"، بالسعي للعبث بأمن وسلامة قضاء خانقين في محافظة ديالى، ودعت رئاستي الجمهورية والوزراء إلى اتخاذ الإجراءات اللازمة لمنع عمليات حرق المحاصيل الزراعية وتجريف الأراضي.

في مجلس محافظة ديالى عامر الكيلاني، يرجح فرضية "التخريب المتعمد لاقتصاد المحافظة". وذكر الكيلاني في تصريحات لموقع راديو نوا، أن الحرائق التي شهدتها ديالى هي ارهاب من نوع آخر ويتوجب على بغداد التدخل الفوري وفتح تحقيق لكشف الجناة وعرضهم على العدالة كون القضية تستهدف "اقتصاد البلد".

واتهم الكيلاني بعض الجهات المتنفذة التي لم يسمها، بمحاربة الفلاحين واجبارهم على بيع محاصيلهم الزراعية لهم، متهما سايلو المحافظة بالتقاعس عن استلام محاصيل الفلاحين بالاضافة الى المعاملة السيئة مع الفلاح.

ويرجح أن يكون "داعش" وراء تلك الحوادث التي تحدث لأول مرة في العراق بهذا الحجم، في وقت يستعد فيه الفلاحون لتسليم أكبر كميات من الحنطة في تاريخ البلاد.

اما رئيس اللجنة الزراعية في ديالى حقي الجبوري، قال: ان "ماحصل في المحافظة هو استهداف مباشر لاقتصاد العراق بشكل عام والمحافظة بشكل خاص"، داعيا الى ضرورة تعجيل عمل السايلو من اجل انقاذ ماتبقى من محاصيل لدى المزارعين في ديالى.

واشار الجبوري في حديث لـ"نوا" أن "مناطق عدة من ديالى التهمت النيران حقولها، منها خانقين ومندلي وبلد روز ومناطق اخرى"، معتبرا الجناة وداعش وجهان لفكر واحد، داعيا الحكومة الى التدخل كون الحرائق مدبرة وتستهدف كل محافظات العراق لهدف تدمير الاقتصاد الوطني.

بدورها أكدت شرطة ديالى انها ستتعامل مع الحرائق كاعمال "ارهابية" وتم نشر دوريات مرابطة ومراقبة قرب المزارع بالتنسيق مع الفلاحين المتواجدين هناك.

وقال مدير قسم العلاقات والاعلام في قيادة شرطة ديالى العقيد غالب العطية في حديث لنوا إن "قيادة الشرطة تعمل بالتنسيق مع السايلو ووزارة التجارة من اجل التسريع بتسليم الحبوب وحصد الحنطة وتسليمها للسايلو".
وفي محافظة صلاح الدين المحاذية لمحافظة ديالى، طالب نواب بإعلان الطوارئ، والتعامل مع ملف الحرائق مثل التعامل مع ملف الفيضانات، كما طالبوا بإعلان المحافظة منكوبة بسبب عمليات الحريق الواسعة التي تعرضت لها محاصيل المحافظة.

وقال مدير الدفاع المدني في صلاح الدين العميد لطيف جاسم إن "اكثر من 120 حادث حريق شهدته المحافظة خلال هذا الشهر، اغلبها في محاصيل الحنطة والشعير والاعشاب القريبة من الحنطة"، مؤكدا انه "تم اطفاء هذه الاعشاب والادغال وعدم وصولها الى محاصيل الحنطة وانقاذ مزاع الفلاحين من الحرائق".

واشار جاسم الى ان "اغلب الحرائق التي شهدتها محافظة صلاح الدين مفتعلة، ما عدا البعض منها كان بسبب تماس كهربائي او تطاير شرارة".

وبين أن المناطق التي شهدت حوادث حرائق هي الشرقاط وبيجي ومركز المحافظة، بالاضافة الى جزيرة تكريت والمكيشفة والدور والعويناة والبو عجيل وتل مكحول وتل كصيبة ومناطق العلم واطراف العلم.

وأجبر المزارعون على تشكيل مجموعات حراسة ليلية لتأمين حقول القمح بعد سلسلة من الحرائق الغامضة التي دمرت مساحات شاسعة.

وتأتي هذه الحرائق بالتزامن مع توجهات الحكومة العراقية بمنع دخول العديد من المحاصيل المتنوعة الى البلاد من الدول المجاورة او من غير ذلك، بسبب وفرة المحصول المحلي وامكانيته في تغطية حاجات المواطنين دون الاستعانة بالمحاصيل الاجنبية المستوردة.

وكانت وزارة الزراعة، قد اعلنت مساء امس في بيان، انه "ماتم حرقه من مخلفات الحقول في بعض المحافظات قضية علمية، مبينة انها ليست تخريبا".

واوضحت الوزارة، حسب البيان، إن "حرق مخلفات حقول الحنطة في محافظات (النجف، الديوانية، ديالى) بعد الحصاد هو للاستفادة من هذه المخلفات لاحتوائها على العناصر المعدنية، والتي تعتبر مغذيات للتربة لذا يتم حرق متبقيات الحصاد داخل الحقول لتكون مفيدة لنمو محصول الشلب، وتحسين صفاته النوعية".

واضافت الوزارة في بيانها، ان "هذه الممارسات الزراعية لا تدخل ضمن اطار التخريب او الاضرار بالاقتصاد الوطني الزراعي او الامن الغذائي وانما ممارسة تستند الى جوانب علمية، ودعت الوزارة "الجميع للتعاون معها وعدم إيجاد ارضية للشائعات التي تهدف لزعزعة ثقة المواطن بالمؤسسة المسؤولة عن أمنه الغذائي".

Copyright © 2017 - Radio Nawa. Designed and Developed by Avesta Group